

أطلب نسختك الورقيّة

إشترِ نسختك الرقميّة
إفتتـاحيّــة العدد
اقرأ الافتتاحيّة كاملةً
بين الإِمْرة والخِبْرة
لمناسبة ذكرى مئويّة إعلان دولة لبنان الكبير
ومن وحي انفجار مدينة بيروت الهيروشيمويّ
لفظتان فصيحتان مُشتقّتان كلاهما على وزن «فِعْلة»، وهو في العربيَّة، يصلحُ لاشتقاق اسم النوع من الفعل الثلاثيّ، كما نِقْلَةٌ من نَقَل، ووِثْبَة من وَثَب. والإِمْرة تعني – والشرح للعامَّة -: سُلْطَةً، سيطرةً، حُكمًا، أمرًا وقيادة؛ والخِبْرة تعني، في ما تعنيه: معرفةً، حِكْمةً مُكْتَسبَة، ممارسةً، مِراسًا، عِلمًا، درايةً، مهارةً…
الإِمْرة تُعطى، يعطيها آمرٌ أَعلى وأرفع، في ساعةٍ في يومٍ في لحظةٍ أو هنيهة، ويعطيها لحيثيَّة سببيَّة أو قانونيَّة أو ظرفيَّة؛ الخِبْرة تُؤخذ ولا تُعطى، يأخذها مثابرٌ طامحٌ جادٌّ غير كسول، في شهورٍ في سنواتٍ وفي عقودٍ، يأخذها لإرادة مشروعة ولرغبة وتصميم، وهي بفعل السنين والعقود تترسَّخ وتتبلور.
الإِمْرة من طبيعةٍ بشريَّة، تأمرُ لتُطاع، تقولُ ليُسمعَ صوتُها، تتعالى بأقوالها والأوامر، تتباهى، تتفاخر، ترسمُ لنفسها صورةً ومقامًا؛ الخِبْرة من طبيعة نورانيَّة، تُسأَل لتُجيبَ، تُطلَبُ لتستجيب، تُنشرُ معرفتها كما النور، ترضى عن أعمالها على مضضٍ، ودائمًا تطلبُ المزيد.
الإِمْرة البشريَّةُ زائلةٌ هي، آفلةٌ، هاربةٌ، تغيبُ ولن تعود، وهي على هذه الحال في الحكّام، والرؤساء، والقادة، وفي الآمرين على أنواعهم، تزولُ بزوال سلطتهم، وتغيب بغياب وكالتهم، مدّتها قصيرةٌ ولو طالت، عقاربُ ساعتها سريعةٌ ولو بُطِّئت. أمّا الخِبْرة النورانيَّة فباقية هي، دائمةٌ وتستمرّ، وهي هكذا في الفنّانين، والعلماء، والشعراء، والفلاسفة، والمهنيّين، والمحترفين، والموهوبين في كلّ علمٍ وفنّ ومهنةٍ ونشاط، ترافقهم إلى قبورهم، وكثيرًا ما تنتقلُ بأفعلَ وأروعَ ممّا كانت عليه، إلى أولادهم وأحفادهم وطلّابهم ومريديهم والتلاميذ. فهي كما النورُ أزليَّة وأبديَّة. والله نورٌ في كلّ دين وحضارة.
إنْ نَأَت الخِبرْةُ بنفسها عن الإِمْرة، في المرافق العامَّة، والمؤسَّسات كافّة، كان التقهقُر والتراجعُ وعدمُ الأمان، وأحيانًا الخراب، سيّد الموقف؛ وإنْ اقترنت الخِبرْةُ بالإِمْرة في المرافق جميعها، كان الأمانُ والأمنُ والتطوُّر والربحُ والجدوى الاقتصاديَّة والعلميَّة، ولا شكّ في ذلك إطلاقًا.
الإِمْرة تاجٌ والخِبْرةُ الرأس؛ الإِمْرة صولجانٌ والخِبْرة اليدُ؛ الإِمْرة ثوبٌ ملوكيّ مزركشٌ والخِبْرةُ جسدٌ سليمٌ معافًى.
اللَّهمَّ لا تجعلنا من أهل الإِمْرة، فنتعالى، ونتعجرف، ونتفاخر بذواتنا، وننشرُ فشلًا وعجزًا؛ بل اجعلنا من أصحاب الخِبْرات فنستفيدُ ونُفيدُ، ونتواضعُ، ونستزيدُ خِبْرة وعلمًا، وننشرُ نورَنا في الظلمات.
ولمناسبة ذكرى المئويّة لإعلان دولة لبنان الكبير، يتصدّر هذا العدد من المشرق ملفّ في «الفكر السياسيّ»، قوامه مقالتان عن عِملاقين من عمالقة الكنيسة المارونيّة: البطريرك إلياس الحويّك، والأب بولس عبّود، وقد سطع نجمهما في أوائل القرن العشرين عِلْمًا وحضورًا والتزامًا كنسيًّا ووطنيًّا. أعدَّ المقالتَيْن أستاذان من أساتذة الجامعة اللبنانيّة، متخصّصان، على التوالي، بالفلسفة السياسيّة وبالتاريخ. أمَّا بقيَّة مقالات العدد فهي، وعلى جري العادة، تتوزَّعُ لغةً، ونقدًا أدبيًّا، وتاريخًا سياسيًّا ودينيًّا ومدنيًّا وثقافيًّا، وفلسفةً وديموغرافيا، وتحقيق مخطوطات.
إفتتـاحيّــة العدد
اقرأ الافتتاحيّة كاملةً
بين الإِمْرة والخِبْرة
لمناسبة ذكرى مئويّة إعلان دولة لبنان الكبير
ومن وحي انفجار مدينة بيروت الهيروشيمويّ
لفظتان فصيحتان مُشتقّتان كلاهما على وزن «فِعْلة»، وهو في العربيَّة، يصلحُ لاشتقاق اسم النوع من الفعل الثلاثيّ، كما نِقْلَةٌ من نَقَل، ووِثْبَة من وَثَب. والإِمْرة تعني – والشرح للعامَّة -: سُلْطَةً، سيطرةً، حُكمًا، أمرًا وقيادة؛ والخِبْرة تعني، في ما تعنيه: معرفةً، حِكْمةً مُكْتَسبَة، ممارسةً، مِراسًا، عِلمًا، درايةً، مهارةً…
الإِمْرة تُعطى، يعطيها آمرٌ أَعلى وأرفع، في ساعةٍ في يومٍ في لحظةٍ أو هنيهة، ويعطيها لحيثيَّة سببيَّة أو قانونيَّة أو ظرفيَّة؛ الخِبْرة تُؤخذ ولا تُعطى، يأخذها مثابرٌ طامحٌ جادٌّ غير كسول، في شهورٍ في سنواتٍ وفي عقودٍ، يأخذها لإرادة مشروعة ولرغبة وتصميم، وهي بفعل السنين والعقود تترسَّخ وتتبلور.
الإِمْرة من طبيعةٍ بشريَّة، تأمرُ لتُطاع، تقولُ ليُسمعَ صوتُها، تتعالى بأقوالها والأوامر، تتباهى، تتفاخر، ترسمُ لنفسها صورةً ومقامًا؛ الخِبْرة من طبيعة نورانيَّة، تُسأَل لتُجيبَ، تُطلَبُ لتستجيب، تُنشرُ معرفتها كما النور، ترضى عن أعمالها على مضضٍ، ودائمًا تطلبُ المزيد.
الإِمْرة البشريَّةُ زائلةٌ هي، آفلةٌ، هاربةٌ، تغيبُ ولن تعود، وهي على هذه الحال في الحكّام، والرؤساء، والقادة، وفي الآمرين على أنواعهم، تزولُ بزوال سلطتهم، وتغيب بغياب وكالتهم، مدّتها قصيرةٌ ولو طالت، عقاربُ ساعتها سريعةٌ ولو بُطِّئت. أمّا الخِبْرة النورانيَّة فباقية هي، دائمةٌ وتستمرّ، وهي هكذا في الفنّانين، والعلماء، والشعراء، والفلاسفة، والمهنيّين، والمحترفين، والموهوبين في كلّ علمٍ وفنّ ومهنةٍ ونشاط، ترافقهم إلى قبورهم، وكثيرًا ما تنتقلُ بأفعلَ وأروعَ ممّا كانت عليه، إلى أولادهم وأحفادهم وطلّابهم ومريديهم والتلاميذ. فهي كما النورُ أزليَّة وأبديَّة. والله نورٌ في كلّ دين وحضارة.
إنْ نَأَت الخِبرْةُ بنفسها عن الإِمْرة، في المرافق العامَّة، والمؤسَّسات كافّة، كان التقهقُر والتراجعُ وعدمُ الأمان، وأحيانًا الخراب، سيّد الموقف؛ وإنْ اقترنت الخِبرْةُ بالإِمْرة في المرافق جميعها، كان الأمانُ والأمنُ والتطوُّر والربحُ والجدوى الاقتصاديَّة والعلميَّة، ولا شكّ في ذلك إطلاقًا.
الإِمْرة تاجٌ والخِبْرةُ الرأس؛ الإِمْرة صولجانٌ والخِبْرة اليدُ؛ الإِمْرة ثوبٌ ملوكيّ مزركشٌ والخِبْرةُ جسدٌ سليمٌ معافًى.
اللَّهمَّ لا تجعلنا من أهل الإِمْرة، فنتعالى، ونتعجرف، ونتفاخر بذواتنا، وننشرُ فشلًا وعجزًا؛ بل اجعلنا من أصحاب الخِبْرات فنستفيدُ ونُفيدُ، ونتواضعُ، ونستزيدُ خِبْرة وعلمًا، وننشرُ نورَنا في الظلمات.
ولمناسبة ذكرى المئويّة لإعلان دولة لبنان الكبير، يتصدّر هذا العدد من المشرق ملفّ في «الفكر السياسيّ»، قوامه مقالتان عن عِملاقين من عمالقة الكنيسة المارونيّة: البطريرك إلياس الحويّك، والأب بولس عبّود، وقد سطع نجمهما في أوائل القرن العشرين عِلْمًا وحضورًا والتزامًا كنسيًّا ووطنيًّا. أعدَّ المقالتَيْن أستاذان من أساتذة الجامعة اللبنانيّة، متخصّصان، على التوالي، بالفلسفة السياسيّة وبالتاريخ. أمَّا بقيَّة مقالات العدد فهي، وعلى جري العادة، تتوزَّعُ لغةً، ونقدًا أدبيًّا، وتاريخًا سياسيًّا ودينيًّا ومدنيًّا وثقافيًّا، وفلسفةً وديموغرافيا، وتحقيق مخطوطات.
محتويات العدد
أيقونة مدينة بيروت العجائبيّة
المئويّة الثانية لمنح زائري دير مار يوحنّا مارون – كفرحي غفرانًا مؤبَّدًا
علاقات دوما ببعض قرى المتن على الصعيد السكّانيّ في العهد العثمانيّ
تعاملُ الإنسان مع سرّ الواقع وغريزة الإبداع العلاقة الجدليّة القائمة بين الدّين والعِلْم والفنّ
الأخلاق الصوفيَّة في الخطاب المعاصر «الإنسان الكامل» والمواطنة العالميَّة
بين الإمْرة والخِبْرة
«مطالبات لبنان» أو «مانيفست» البطريرك الحويِّك الوطنيّ
الأب بولس عبّود الغوسطَويّ وخطر اليهود على فلسطين
قراءات تطبيقيّة في الشعريّة
جبل لبنان مُتصرّفيّة ممتازة!
الدَّور السياسيّ المسيحيّ في لبنان بعد اتّفاق الطائف (2)
وضعيّة الكتاب عند الموارنة منذ عشيّة تأسيس المدرسة المارونيّة (1584) والمجمع اللبنانيّ (1736) حتّى يومنا هذا
مقالات هذا العدد
«مطالبات لبنان» أو «مانيفست» البطريرك الحويِّك الوطنيّ
يشكل الأول من أيلول 1920 تاريخًا دامغًا في ذاكرة اللبنانيين، غير أن الكثيرين عندما يستحضرون هذا التاريخ، تعلق بذاكرتهم صورة قصر الصنوبر يوم أعلن الجنرال غورو قيام لبنان الكبير محاطًا بالشخصيات اللبنانية والفرنسية. هذا الحدث جعل الكثيرين يفسرونه أن لبنان هو صنيعة المنتدب الفرنسي بعد سايكس-بيكو. لكن، ومن دون العودة إلى كل تاريخ تلك الحقبة، يكفي أن نراجع مذكرة البطريرك الحويك : “مطالبات لبنان” التي رفعها إلى مؤتمر الصلح سنة 1919 حتى يتضح لنا أن تاريخ الأول من 1920 هو القمة في مخاض تاريخي سياسي ثمرته لبنان الكبير. هذا ما يعرضه هذا النص لوضع هذا التاريخ في إطاره الأوسع

الأب بولس عبّود الغوسطَويّ وخطر اليهود على فلسطين
كان الأب بولس عبود شخصية مميّزة في عصره. عاش في بداية حياته راهبًا في الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة، ثم كاهنًا خوريًا، وقاضيًا، وكاتبًا في الشؤون القضائيّة والتاريخيّة. قضى معظم حياته في التأليف، وتناول في كتاباته مواضيع حسّاسة ومهمّة في الطائفة المارونيّة، وأغنى المكتبة التاريخيّة بمؤلفاته القيّمة.
كان الأب بولس عبود خطيبًا لامعًا. نسج علاقات سياسيّة ودينيّة مع الدول، والحكّام، وكبار المسؤولين، والبابوات، والبطاركة، والأساقفة، والكهنة على اختلاف طوائفهم. تنقّل بين لبنان وفلسطين، وتعاطى في الشأن السياسي. دافع عن حقوق الموارنة في مدينة يافا في فلسطين. ونبّه من الخطر الصهيوني واﻹستيطان في فلسطين. دعا الى التمسّك بأرض الوطن. وبسبب خطبه الناريّة والجريئة، والقاسية التي ألقاها في يافا ضدّ اليهود، نصحه بعض أصدقائه بمغادرة فلسطين. لقد رفع الصوت في فلسطين لتدارك مخاطر الهجرة، ومع كل هذا التحذير تمكّن اليهود من طرد الفلسطينييّن من أرضهم واحتلالها، ومن تشريدهم وتشتيتهم في العالم العربي عام 1948.

فونولوجيّة العلائق الكونيّة بين اتّساق الكلام وكمون الانسجام «اللغتان العربيّة والتركيّة أنموذجًا»
للانسجام الصّوتيّ قواعد هي في حركة تماسّ دائم مع عناصر الصّوت، وتتميّز بالعمق والتّماسك الدّاخليّ؛ فبمجرّد ظهورها إلى السّطح يتحقّق التّناسق والانسجام في البِنى الصّوتيّة ذات النّطق المتعثّر. فالانسجام له مكان وأثر على مستوى الدّراسات الفونولوجيّة، ويكاد يشكّل ظاهرة كونيّة كامنة، لها وظيفة توافقيّة على المستوى السّطحي للأشياء، ومنزلته في الدّراسات الفونولوجيّة أقرب إلى قاعدة عامّة وظيفتها المحافظة على المشهد الصّوتيّ أثناء وعي المتكلّم لألفاظه. لذلك، فإنّ التّماسك الدّاخلي في الحروف من أهمّ عناصر الانسجام الّتي تؤثّر في مستوى تعديل الأحكام الصّوتيّة، بما يتوافق وبِنية الصّوت الدّاخليّة الّتي كثيرًا ما تتعرّض لقوانين المماثلة، والمخالفة، والإبدال على المستوى السّطحيّ للألفاظ.

قراءات تطبيقيّة في الشعريّة
ما بحثي التطبيقيّ هذا إلاّ تتمّة لبحثين آخرين سبقاه في هذا المجال ونُشرا في مجلّة المشرق تحت عنواني:”وجهات الشعريّة، محاولات في قراءتها من زوايا مختلفة ” و” شعريّة الصمت” ، وقد صدرا في الجزءَين الأوّل والثاني للسنة 94. وفي هذا المبحث التحليليّ أتناول الشعريّة من وجهات تطبيقيّة إضافيّة ، فأكشف عن شعريّة ألم الغربة والتهجير من خلال مقطع من قصيدة ” أبد الصبّار؟ ” لمحمود درويش، ثمّ شعريّة الغموض من خلال قصيدة ” مرض” لأدونيس، فشعريّة التشويق المتدرّج من خلال قصيدة ” انطرها تا تمرق” بالعاميّة لموريس عوّاد، إلى شعريّة التوليد اللغويّ في الأداء النثريّ الإبداعيّ لشوقي أبي شقرا في مقدّمته لكتاب “صحافيّة في ثياب الميدان” ، فشعريّة التلوين التركيبيّ من خلال قصيدة ” الهوى والشباب ” للأخطل الصغير ، وأخير شعريّة التكرار المتناثر من خلال قصيدة ” مدرسة الحزن” لنزار قبّاني .

الخطاب الشعريّ وسيميائيّته في ديوان «الأيّام ليست لنودّعَها» للشاعر عبده وازن
تعترض الباحث مشكلات متعدّدة، لاسيّما لدى شروعه في تحديد مفاهيم ذات دراية دقيقة، نذكر منها تغيّر مفهوم الشّعر والقصيدة التي تحمل انبثاقات جديدة في تعبيرها عن معاناة الشّاعر الذّاتيّة. وإذ يسأل جاكبسون (JACKOBSON): “ما هو الشّعر؟”، يدرك تغيّر مضمونه على مرّ العصور. ومع ذلك، لم يفته أن يعبّر عن موقفه إزاء تحديد جامد للشّعر، فـ “لا توجد أسوار صينيّة بين الشّعر والحياة، وبين الشّعر والمرجع، وبين الشّعر والمبدع، وبين الشّعر والمتلقّي، وبين الشّعر وباقي الفنون… كلّ ذلك يخترق الرّسالة الشّعريّة ويتقاطع داخلها”.
وتجدر الإشارة إلى أنّ الشّعر الحديث الذي ظهر في خمسينيّات القرن العشرين قد غيّر أبنية الشّعر العموديّ، باعتباره تمرّدًا ورفضًا للأشكال والطّرق الشّعريّة القديمة، فاعتمد تفعيلة مفردة وقوافيَ مختلفة متحرّرة من القيود. وقد اعتمدنا هذا المصطلح، “الشّعر الحديث”، لنتاج الشّاعر عبده وازن، كونه انتهك الشّعر والنّثر في مؤلّفاته، ليرسم أشكالًا جديدة، ويحدث هزّة عميقة للمفاهيم المتداولة عن الشّعر ومقارباتها الإنسانيّة والفكريّة المباشرة. فهل ينتظم شعره ضمن شعر الحداثة أو تخطّاه إلى شعر ما بعد الحداثة الاختلافيّ؟ وكيف تجلّت الشّعريّة في قصائده، لاسيّما أنّ الكاتب يمارس حرّيّته أكثر من القصيدة التّقليديّة؟
هذا ما سنسعى إلى معالجته في هذا البحث من خلال دراسة الخطاب الشّعريّ وسيميائيّته في ديوان وازن: “الأيّام ليست لنودّعها”. وتكمن أهمّيّة الموضوع في ناحيتين:
-تقديم الشّاعر كتابة شعريّة مغايرة عن شعراء زمنه.
-عدم توافر دراسات أكاديميّة كافية تناولت إبداعاته.
وقد بنينا الدّراسة على مبحثين: يتناول المبحث الأوّل نظرة مختصرة في نظريّات اللّسانيّة البنيويّة وفي نظريّات السّيميائيّة.
أمّا المبحث الثّاني فيتناول دراسة الشّكل الطّباعيّ في قصيدتَي “لأنّكِ في الحبّ” و”رؤية”، والمستويين الإيقاعيّ والدّلاليّ في القصيدة الأولى، والمستويين الإيقاعيّ والأسلوبيّ في القصيدة الثّانية.
واتّبعنا منهج السّيميائيّة الشّعريّة، وهو نهج الخطاب الشّعريّ الذي بدأ مع جاكبسون، وطوّره غريماس (GREIMAS) ، فاستفاد من اللّسانيّات البنيويّة، ولاسيّما مفهوم الوظيفة الجماليّة التي أطلق عليها جاكبسون تسمية المهيمنة (La dominante).
جبل لبنان مُتصرّفيّة ممتازة!
يتناول هذا البحث تطور طرحات اللبنانيين وأفكارهم السياسية في عهد المتصرفية (1861-1915)، الامر الذي عكس انقساهم الى ثلاثة فرقاء:
– فريق دعا الى التمسك بالنظام الاساسي وطالب بالمحافظة على الامتيازات التي نالوها عند توقيع القوى العظمى والدولة العثمانية على بروتوكول 1861؛
– ومجموعة لم تنف الامتيازات لكنها رغبت في تطبيق الدستور العثماني في جبل لبنان والطرح العثماني؛
– وفريق انكر وجود اية امتيازات للبنانيين.
لكن البحث التاريخي أظهر تمتع لبنانيي هذا العهد بالامتيازات التي اعطاهم اياها النظام الاساسي وباستقلال ذاتي، وبما دار في فلك هذا الاستقلال، اكثر من خمسين سنة وحتى اجتياح جمال باشا جبل لبنان واحتلاله عسكريا.
متصرفية جبل لبنان، فكر سياسي، امتيازات، نظام اساسي، بروتوكول 1861، القوى العظمى، الدولة العثمانية، الدستور العثماني،

الدَّور السياسيّ المسيحيّ في لبنان بعد اتّفاق الطائف (2)
ساد المشهدَ السِّياسي اللُّبناني الإِنقسام منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري، فقد أَدَّى إلى الكشف عن مدى تباعد مصالح الطائفتين الشِّيعيّة والسُّنّيّة. كان عنوان المرحلة آنذاك استعادة القوى المسيحيّة دورها في المعادلة اللبنانيّة. وقد انقسمت التحالفات السياسية للقوّتين السياسيّتين الأساسيّتين، أي التيّار الوطني الحرّ والقوّات اللبنانيّة، بين الأطرف الإسلامية، بإعتقادها ان تحالفاتها هي التي تؤمّن العودة إلى الدور السياسي الفاعل. وحيث ان قضيّة المسيحيّين في الجوهر هي أن تصان حريّاتهم، ويتأمّن أمنهم، وتقوم مساواة سياسيّة وقانونيّة فعليّة بينهم وبين مواطنيهم، أيًّا يكن عدد هؤلاء وأولئك، وأن يبقوا بعيدين كلّ البعد من أيّ لونٍ من الذميّة. فكيف كان المسار السياسي للسياسيين المسيحيين بعد انسحاب الجيش السوري وعودة حريّة العمل السياسي في لبنان؟ وهل نجحوا في المحافظة على قضيتهم؟ وما مصير المسيحيون في لبنان اليوم؟ فهل أنّ مصير مسيحيّي لبنان كأبناء بلدة بجرّين؟، هذه القرية المارونية الصغيرة حيث هجرها أهلها في الحرب العالمية الأولى، بجرّين اليوم مهجورة، على الرغم من جمال موقعها، فهي هياكل بيوت وأشلاء حجارة تنتظر أبناءها… “ذهبوا ولم يعودوا”!

وضعيّة الكتاب عند الموارنة منذ عشيّة تأسيس المدرسة المارونيّة (1584) والمجمع اللبنانيّ (1736) حتّى يومنا هذا
يقومُ هذا المقال على بحثٍ توثيقيّ أعدّه الأب سليم دكّاش اليسوعيّ لمناسبة تحضير فعاليّات المجمع البطريركيّ المارونيّ الذي عُقد بين السنوات 2003 و2006. يتناول البحث وضعيّة الكتاب المارونيّ إذًا جاز التعبير – أي الكتاب عند الموارنة – منذ نهاية القرن السادس عشر (1584) عشيّة تأسيس المدرسة المارونيّة الذائعة الصيت، حتّى يومنا هذا، مرورًا بالمجمع اللبنانيّ الذي التأم في القرن الثامن عشر (1736) تحديدًا. ويتطرّق المقال بالتحديد إلى الأعلام الموارنة المؤلِّفين من رجال الإكليرُس أو العلمانيّين، إلى جانب أنواع المصنّفات وأبوابها التي طُبعت سواء في لبنان أو في أوروبّا، وقد أعيد طبع بعضها لأكثر من طبعة، نظرًا إلى فائدتها وانتشارها. ولئن وثّق البحث المؤلّفات كافّة التي أعدّها الموارنة في هذه المراحل الأساسيّة المذكورة من تاريخ الكنيسة المارونيّة، إلّا أنّ الكاتب لم يغفل الإطلالة على مستقبل الكتاب في عصرنا الحاليّ الواعد، فنوّهَ بما حصل وجرى ماضيًا، وفتح الباب على آفاق النشر الإلكترونيّ الواعدة إلى جانب النشر الورقيّ التقليديّ.

أيقونة مدينة بيروت العجائبيّة
نالت مدينة بيروت في العصور الوسطى شهرةً واسعة في العالم المسيحي بسبب الأيقونة العجائبيّة ليسوع المسيح. ومنذ القرن السادس، تذكر المصادر أنّ مدنًا في الشرق كانت تضمّ أيقونات عجائبيّة، ولكن هذه العجائب غابت من المصادر الكنسيّة في الحقبات اللاحقة ولم يعد يرد ذكرها وأصبحت أحداثًا منسيّة. فما السبب الذي أعطى أيقونة بيروت العجائبيّة، وحدها دون غيرها، مكانةً مهمّةً في الكنيسة، خصوصًا في أوروبا، طيلة القرون الوسطى حتى أواخر القرن السادس عشر؟ وأين توجد هذه الأيقونة؟ يهدف هذا المقال ﺇلى اﻹجابة عن هذه الأسئلة باﻹستناد ﺇلى المعلومات الواردة في المصادر البيزنطيّة واللاتينيّة والعربيّة التي تعود ﺇلى الحقبة الواقعة بين القرنين الثامن والخامس عشر، واعتماد منهجيّة علميّة واضحة، والموضوعيّة في التحليل ومقاربة الأحداث التاريخيّة بهدف الوصول ﺇلى الحقيقة.

المئويّة الثانية لمنح زائري دير مار يوحنّا مارون – كفرحي غفرانًا مؤبَّدًا
يصادف العامان 2020 و2021 المئويّة الثانية لمنح البابا بيوس السابع بتاريخ 30 كانون الثاني 1820 غفرانًا مؤبدًا لزائري دير مار يوحنّا مارون الكائن في كفرحي – البترون في الثاني من شهر آذار من كلّ سنة، عيد البطريرك الأوّل على الطائفة المارونيّة الذي أقام في هذا الدير في كفرحي العام 685، وهو المقرّ الأوّل للبطريركيّة المارونيّة وتوفّي فيه العام 707. ولهذه المناسبة تمّ وضع هذه الدراسة المختصرة عن المحطّات البارزة لهذه البلدة كفرحي في فترة ما قبل التاريخ كما رصدها الأب زوموفن اليسوعيّ، وعن نشأتها في الفترة اللاحقة مع إقامة البطريركيّة المارونيّة فيها في عهدها الأوّل وبناء الكنائس – خاصّةً كنيسة مار سركيس على اسم البابا القدّيس سركيس الأوّل – علمًا أنّ هذا البابا كان مجايلًا للقدّيس يوحنّا مارون وشهادة البطريرك الدويهي عن هذه الحقبة، وما لحق بهذا المقام من خراب في القرن السابع عشر إلى زيارة البطريركيّة يوسف إسطفان إلى كفرحي في 16 تشرين الأوّل 1787، وتكليف آل فريفر بإعادة ترميم المقام وإنشاء مدرسة فيه، إلى عقد أوّل مؤتمر لمكافحة الربا وغلاء المعيشة في الشرق في 21 حزيران 1817 بهمّة المطران جرمانوس تابت، إلى افتتاح المدرسة في العام 1812 وازدهارها مع تبّؤ المطران يوسف فريفر رئاستها بين 1872 و1889، الى اعلان البابا بيوس السابع بتاريخ 30 كانون الثاني 1820 غفرانًا مؤبدًا لزائري دير مار يوحنّا مارون في عيد شفيعه، إلى إعادة هامة مار مارون إلى دير مار يوحنّا مارون في كفرحي في 8 كانون الثاني 2000، برعاية البطريرك نصرالله صفير وهمّة راعي الأبرشيّة المطران بولس سعادة الذي جدّد الدير ورفع شأنه، خاصّةً بعد تحويل أبرشيّة البترون إلى نيابة البطريركيّة وهي اليوم برعاية سيادة المطران منير خيرالله الثابت في المحافظة على جذور هذا المقام وتطويره.

علاقات دوما ببعض قرى المتن على الصعيد السكّانيّ في العهد العثمانيّ
لماذا التساؤل حول هذه العلاقات؟
منذ أن تعرّفتُ على دوما في آواخر ستّينيّات القرن الماضي، لاحظت وجود عائلات تحمل أسماء عائلات متواجدة في عدّة قرى متنيّة. أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الأسماء العائليّة التالية: معلوف، المرّ، خير، رحباني، شويري، سماحة، يافت، صوايا.
فقرّرتُ أن أتحرّى عمّا دفع هذه العائلات إلى الانتقال من بعض قرى المتن: كفرعقاب، المحيدثة، بتغرين، الخنشارة، وغيرها إلى دوما. وهي عائلات تنتمي غالبًا إلى كنيستَي الروم الأرثوذكس والروم الكاثوليك. ونحن معتادون لدى دراسة الديمغرافيا التاريخيّة للموارنة أن نلاحظ هجرة من شمال السلسلة الغربيّة للبنان (جبّة بشرّي، البترون، جبيل، إلخ…) صوب وسط السلسلة وجنوبها: أي صوب كسروان والمتن والشوف وجزّين حتّى أقصى جبل عامل.

تعاملُ الإنسان مع سرّ الواقع وغريزة الإبداع العلاقة الجدليّة القائمة بين الدّين والعِلْم والفنّ
يتطرّق كاتبُ المقال، بدءًا، إلى العلاقة الجدليّة بين الدين والعلم والفنّ. ثمّ يبيّنُ سبب الخلاف الكامن بين هذه الميادين الثلاثة في التجارب البشريّة. بعدها، واستنادًا إلى نظريّة الرسوم البيانيّة الخاصّة بالتحليل النفسيّ عند كارل يونغ، والتي بحسبها يتعامل الإنسان وسرَّ الواقع من خلال كلّ من الدين، والعِلم، والفنّ، لاجئًا إلى قدرات حَدسِه وخَياله، يؤكّدُ الكاتب أنّ هذه العمليّة تتجاوزُ مجرّدَ اختبار الواقع للتمكّن من التعبير الرمزيّ عن واقعٍ غير مرئيّ. ومن هنا ضرورة الالتزام بالتكامل بين هذه الميادين الثلاثة، ومَنع انفصالها أو انحرافها.

الأخلاق الصوفيَّة في الخطاب المعاصر «الإنسان الكامل» والمواطنة العالميَّة
يوضحُ الكاتب في مقدِّمة بحثه مسألةَ علاقة التصوُّف الإسلاميّ ببعدَيْن أساسيَّين: البعد التوحيديّ المتمثّل بالخالق – البعد العموديّ -؛ والبعد الإيطيقيّ (الأخلاقيّ) المتمثّل بصلاح قلب الإنسان والفضائل – البعد الأفقيّ -. وقد ربطَ الباحث البعد الأفقيّ، إذ جاز التعبير، بمفهوم “الإنسان الكامل” الذي وردَ غالبًا في الأدبيّات الصوفيّة، وتعلّق بالكمال والأُسوة التي جسّدها الرسول محمّد (صلعم). ولتوضيح مفهوم “الإنسان الكامل” عالجه الكاتب من منظور التصوّف الفلسفيّ الذي انطلق من محيي الدِّين بن عربيّ المتصوّف الإسلاميّ الشهير، وصولًا إلى الأمير عبد القادر الجزائريّ لاحقًا. ولئن كان البعد الإيطيقيّ (الأخلاقيّ) في التصوّف مرتبطًا بصلاح القلب والفضائل المتجسِّدة بالعلاقة بالآخر، فقد ركّز الكاتب عبد الوهّاب بلغراس على مفهوم المواطنة والمواطنة العالميّة التي تُجسِّد هذا البعد المفهوميّ عند الشيخ خالد بن تونس، في عصر العولمة والانفتاح والاكتشافات على أنواعها. وذلك، من دون أن يغفل ذكر مؤلَّفات الشيخ ابن تونس باللغة الفرنسيّة التي تحاكي أبعاد التصوّف الدينيّ والإنسانيّ والعلاجيّ.

مكاريوس – سمعان المنحول. المقالة السريانيّة الرابعة، المنسوبة خطأً إلى مرقس المتوحّد في مخطوطَيْ ڤاتيكان سريانيّ 121 و122
عاش مكاريوس- سمعان المنحول (+ 400 م)، حياة نسكيّة، في رهبانيّة بدائية مكوّنة من مجموعات صغيرة. تثقّف بفلسفة عصره اليونانيّة من أفلاطونيّة ورواقيّة، ودرس القانون في مدرسة بيروت الحقوقيّة. كتب دومًا عن المحبة، جوهر الحياة المسيحيّة، كما تميّزت كتاباته في النعمة والصلاة والروح القدس، ووصلت إلينا مئات المخطوطات في كلّ اللغات الحيّة في ذلك الحين.
حقّق شتروتمانSTROTHMANN المخطوطات السريانية جميعها في كتابه: Die Syrische Überlieferung der Schriften des Makarios. ، لكنّه لم ينشر مقالة الغربال، الموجودة في مخطوطي فاتيكان سريانيّ 121 و122، لأنها تحت اسم مرقس المتوحّد، فقمنا بنشرها.
تعدّ هذه المقالة، من ضمن سلسلة مقالاته، من مصادر الحياة الرهبانية في بداياتها، التي تدعو المؤمن ليترك العالم وشهواته الذي ينتهي بالموت، الى احتذاء مثل الآباء القديسين، الذين تخلوا عن هذه الدنيا، طاعة لإرادة الرب، مثل إبراهيم وايوب، فيدخل حينئذ في ربيع دائم وقيامة أبدية!

إعترافا إيمانٍ من تصنيف يوحنّا الدمشقيّ «دستور الأمانة المستقيمة» و«تصنيفُ الأمانةِ وإيضاحُها»
اشتهر الدمشقيّ بكتاباته اللاهوتيّة واعترافات الإيمان التي تركها للكنيسة. فهو الملقّب ب”العالم العامل” الذي سهر على تفسير إيمان الكنيسة الجامعة مستشهدًا بالآباء والمجامع التي سبقته. وقد نشر بونيفاتيوس كوتر هه الأعمال بلغتها الأصليّة اليونانيّة. أمّا الترجمة العربيّة الممنهجة لأعمال الدمشقيّ التي بدأت في أواخر القرن العاشر (وربّما أوائل القرن الحادي عشر) فما زالت بمعظمها مدوّنة بخطّ اليد. فنحن نرجو أن ننشر تباعًا ما لم ينشر منها بعد. وفي هذا الصدد نقدّم هنا وننشر «دستور الأمانة المستقيمة» و«تصنيفُ الأمانةِ وإيضاحُها». وبما أنّ أصل هذه الأخيرة اليونانيّ ضائع فسنقوم بنشر ترجمة ترجمة إنكليزية للنصّ ضمن أعمال ورشة عمل “يوحنا الدمشقيّ. أكثر من مجرّد جامع” في مؤتمر الدراسات الآبائية الثامن عشر في أكسفورد.

كتّاب هذا العدد
مقالات هذا العدد
«مطالبات لبنان» أو «مانيفست» البطريرك الحويِّك الوطنيّ
يشكل الأول من أيلول 1920 تاريخًا دامغًا في ذاكرة اللبنانيين، غير أن الكثيرين عندما يستحضرون هذا التاريخ، تعلق بذاكرتهم صورة قصر الصنوبر يوم أعلن الجنرال غورو قيام لبنان الكبير محاطًا بالشخصيات اللبنانية والفرنسية. هذا الحدث جعل الكثيرين يفسرونه أن لبنان هو صنيعة المنتدب الفرنسي بعد سايكس-بيكو. لكن، ومن دون العودة إلى كل تاريخ تلك الحقبة، يكفي أن نراجع مذكرة البطريرك الحويك : “مطالبات لبنان” التي رفعها إلى مؤتمر الصلح سنة 1919 حتى يتضح لنا أن تاريخ الأول من 1920 هو القمة في مخاض تاريخي سياسي ثمرته لبنان الكبير. هذا ما يعرضه هذا النص لوضع هذا التاريخ في إطاره الأوسع

الأب بولس عبّود الغوسطَويّ وخطر اليهود على فلسطين
كان الأب بولس عبود شخصية مميّزة في عصره. عاش في بداية حياته راهبًا في الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة، ثم كاهنًا خوريًا، وقاضيًا، وكاتبًا في الشؤون القضائيّة والتاريخيّة. قضى معظم حياته في التأليف، وتناول في كتاباته مواضيع حسّاسة ومهمّة في الطائفة المارونيّة، وأغنى المكتبة التاريخيّة بمؤلفاته القيّمة.
كان الأب بولس عبود خطيبًا لامعًا. نسج علاقات سياسيّة ودينيّة مع الدول، والحكّام، وكبار المسؤولين، والبابوات، والبطاركة، والأساقفة، والكهنة على اختلاف طوائفهم. تنقّل بين لبنان وفلسطين، وتعاطى في الشأن السياسي. دافع عن حقوق الموارنة في مدينة يافا في فلسطين. ونبّه من الخطر الصهيوني واﻹستيطان في فلسطين. دعا الى التمسّك بأرض الوطن. وبسبب خطبه الناريّة والجريئة، والقاسية التي ألقاها في يافا ضدّ اليهود، نصحه بعض أصدقائه بمغادرة فلسطين. لقد رفع الصوت في فلسطين لتدارك مخاطر الهجرة، ومع كل هذا التحذير تمكّن اليهود من طرد الفلسطينييّن من أرضهم واحتلالها، ومن تشريدهم وتشتيتهم في العالم العربي عام 1948.

فونولوجيّة العلائق الكونيّة بين اتّساق الكلام وكمون الانسجام «اللغتان العربيّة والتركيّة أنموذجًا»
للانسجام الصّوتيّ قواعد هي في حركة تماسّ دائم مع عناصر الصّوت، وتتميّز بالعمق والتّماسك الدّاخليّ؛ فبمجرّد ظهورها إلى السّطح يتحقّق التّناسق والانسجام في البِنى الصّوتيّة ذات النّطق المتعثّر. فالانسجام له مكان وأثر على مستوى الدّراسات الفونولوجيّة، ويكاد يشكّل ظاهرة كونيّة كامنة، لها وظيفة توافقيّة على المستوى السّطحي للأشياء، ومنزلته في الدّراسات الفونولوجيّة أقرب إلى قاعدة عامّة وظيفتها المحافظة على المشهد الصّوتيّ أثناء وعي المتكلّم لألفاظه. لذلك، فإنّ التّماسك الدّاخلي في الحروف من أهمّ عناصر الانسجام الّتي تؤثّر في مستوى تعديل الأحكام الصّوتيّة، بما يتوافق وبِنية الصّوت الدّاخليّة الّتي كثيرًا ما تتعرّض لقوانين المماثلة، والمخالفة، والإبدال على المستوى السّطحيّ للألفاظ.

قراءات تطبيقيّة في الشعريّة
ما بحثي التطبيقيّ هذا إلاّ تتمّة لبحثين آخرين سبقاه في هذا المجال ونُشرا في مجلّة المشرق تحت عنواني:”وجهات الشعريّة، محاولات في قراءتها من زوايا مختلفة ” و” شعريّة الصمت” ، وقد صدرا في الجزءَين الأوّل والثاني للسنة 94. وفي هذا المبحث التحليليّ أتناول الشعريّة من وجهات تطبيقيّة إضافيّة ، فأكشف عن شعريّة ألم الغربة والتهجير من خلال مقطع من قصيدة ” أبد الصبّار؟ ” لمحمود درويش، ثمّ شعريّة الغموض من خلال قصيدة ” مرض” لأدونيس، فشعريّة التشويق المتدرّج من خلال قصيدة ” انطرها تا تمرق” بالعاميّة لموريس عوّاد، إلى شعريّة التوليد اللغويّ في الأداء النثريّ الإبداعيّ لشوقي أبي شقرا في مقدّمته لكتاب “صحافيّة في ثياب الميدان” ، فشعريّة التلوين التركيبيّ من خلال قصيدة ” الهوى والشباب ” للأخطل الصغير ، وأخير شعريّة التكرار المتناثر من خلال قصيدة ” مدرسة الحزن” لنزار قبّاني .

الخطاب الشعريّ وسيميائيّته في ديوان «الأيّام ليست لنودّعَها» للشاعر عبده وازن
تعترض الباحث مشكلات متعدّدة، لاسيّما لدى شروعه في تحديد مفاهيم ذات دراية دقيقة، نذكر منها تغيّر مفهوم الشّعر والقصيدة التي تحمل انبثاقات جديدة في تعبيرها عن معاناة الشّاعر الذّاتيّة. وإذ يسأل جاكبسون (JACKOBSON): “ما هو الشّعر؟”، يدرك تغيّر مضمونه على مرّ العصور. ومع ذلك، لم يفته أن يعبّر عن موقفه إزاء تحديد جامد للشّعر، فـ “لا توجد أسوار صينيّة بين الشّعر والحياة، وبين الشّعر والمرجع، وبين الشّعر والمبدع، وبين الشّعر والمتلقّي، وبين الشّعر وباقي الفنون… كلّ ذلك يخترق الرّسالة الشّعريّة ويتقاطع داخلها”.
وتجدر الإشارة إلى أنّ الشّعر الحديث الذي ظهر في خمسينيّات القرن العشرين قد غيّر أبنية الشّعر العموديّ، باعتباره تمرّدًا ورفضًا للأشكال والطّرق الشّعريّة القديمة، فاعتمد تفعيلة مفردة وقوافيَ مختلفة متحرّرة من القيود. وقد اعتمدنا هذا المصطلح، “الشّعر الحديث”، لنتاج الشّاعر عبده وازن، كونه انتهك الشّعر والنّثر في مؤلّفاته، ليرسم أشكالًا جديدة، ويحدث هزّة عميقة للمفاهيم المتداولة عن الشّعر ومقارباتها الإنسانيّة والفكريّة المباشرة. فهل ينتظم شعره ضمن شعر الحداثة أو تخطّاه إلى شعر ما بعد الحداثة الاختلافيّ؟ وكيف تجلّت الشّعريّة في قصائده، لاسيّما أنّ الكاتب يمارس حرّيّته أكثر من القصيدة التّقليديّة؟
هذا ما سنسعى إلى معالجته في هذا البحث من خلال دراسة الخطاب الشّعريّ وسيميائيّته في ديوان وازن: “الأيّام ليست لنودّعها”. وتكمن أهمّيّة الموضوع في ناحيتين:
-تقديم الشّاعر كتابة شعريّة مغايرة عن شعراء زمنه.
-عدم توافر دراسات أكاديميّة كافية تناولت إبداعاته.
وقد بنينا الدّراسة على مبحثين: يتناول المبحث الأوّل نظرة مختصرة في نظريّات اللّسانيّة البنيويّة وفي نظريّات السّيميائيّة.
أمّا المبحث الثّاني فيتناول دراسة الشّكل الطّباعيّ في قصيدتَي “لأنّكِ في الحبّ” و”رؤية”، والمستويين الإيقاعيّ والدّلاليّ في القصيدة الأولى، والمستويين الإيقاعيّ والأسلوبيّ في القصيدة الثّانية.
واتّبعنا منهج السّيميائيّة الشّعريّة، وهو نهج الخطاب الشّعريّ الذي بدأ مع جاكبسون، وطوّره غريماس (GREIMAS) ، فاستفاد من اللّسانيّات البنيويّة، ولاسيّما مفهوم الوظيفة الجماليّة التي أطلق عليها جاكبسون تسمية المهيمنة (La dominante).
جبل لبنان مُتصرّفيّة ممتازة!
يتناول هذا البحث تطور طرحات اللبنانيين وأفكارهم السياسية في عهد المتصرفية (1861-1915)، الامر الذي عكس انقساهم الى ثلاثة فرقاء:
– فريق دعا الى التمسك بالنظام الاساسي وطالب بالمحافظة على الامتيازات التي نالوها عند توقيع القوى العظمى والدولة العثمانية على بروتوكول 1861؛
– ومجموعة لم تنف الامتيازات لكنها رغبت في تطبيق الدستور العثماني في جبل لبنان والطرح العثماني؛
– وفريق انكر وجود اية امتيازات للبنانيين.
لكن البحث التاريخي أظهر تمتع لبنانيي هذا العهد بالامتيازات التي اعطاهم اياها النظام الاساسي وباستقلال ذاتي، وبما دار في فلك هذا الاستقلال، اكثر من خمسين سنة وحتى اجتياح جمال باشا جبل لبنان واحتلاله عسكريا.
متصرفية جبل لبنان، فكر سياسي، امتيازات، نظام اساسي، بروتوكول 1861، القوى العظمى، الدولة العثمانية، الدستور العثماني،

الدَّور السياسيّ المسيحيّ في لبنان بعد اتّفاق الطائف (2)
ساد المشهدَ السِّياسي اللُّبناني الإِنقسام منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري، فقد أَدَّى إلى الكشف عن مدى تباعد مصالح الطائفتين الشِّيعيّة والسُّنّيّة. كان عنوان المرحلة آنذاك استعادة القوى المسيحيّة دورها في المعادلة اللبنانيّة. وقد انقسمت التحالفات السياسية للقوّتين السياسيّتين الأساسيّتين، أي التيّار الوطني الحرّ والقوّات اللبنانيّة، بين الأطرف الإسلامية، بإعتقادها ان تحالفاتها هي التي تؤمّن العودة إلى الدور السياسي الفاعل. وحيث ان قضيّة المسيحيّين في الجوهر هي أن تصان حريّاتهم، ويتأمّن أمنهم، وتقوم مساواة سياسيّة وقانونيّة فعليّة بينهم وبين مواطنيهم، أيًّا يكن عدد هؤلاء وأولئك، وأن يبقوا بعيدين كلّ البعد من أيّ لونٍ من الذميّة. فكيف كان المسار السياسي للسياسيين المسيحيين بعد انسحاب الجيش السوري وعودة حريّة العمل السياسي في لبنان؟ وهل نجحوا في المحافظة على قضيتهم؟ وما مصير المسيحيون في لبنان اليوم؟ فهل أنّ مصير مسيحيّي لبنان كأبناء بلدة بجرّين؟، هذه القرية المارونية الصغيرة حيث هجرها أهلها في الحرب العالمية الأولى، بجرّين اليوم مهجورة، على الرغم من جمال موقعها، فهي هياكل بيوت وأشلاء حجارة تنتظر أبناءها… “ذهبوا ولم يعودوا”!

وضعيّة الكتاب عند الموارنة منذ عشيّة تأسيس المدرسة المارونيّة (1584) والمجمع اللبنانيّ (1736) حتّى يومنا هذا
يقومُ هذا المقال على بحثٍ توثيقيّ أعدّه الأب سليم دكّاش اليسوعيّ لمناسبة تحضير فعاليّات المجمع البطريركيّ المارونيّ الذي عُقد بين السنوات 2003 و2006. يتناول البحث وضعيّة الكتاب المارونيّ إذًا جاز التعبير – أي الكتاب عند الموارنة – منذ نهاية القرن السادس عشر (1584) عشيّة تأسيس المدرسة المارونيّة الذائعة الصيت، حتّى يومنا هذا، مرورًا بالمجمع اللبنانيّ الذي التأم في القرن الثامن عشر (1736) تحديدًا. ويتطرّق المقال بالتحديد إلى الأعلام الموارنة المؤلِّفين من رجال الإكليرُس أو العلمانيّين، إلى جانب أنواع المصنّفات وأبوابها التي طُبعت سواء في لبنان أو في أوروبّا، وقد أعيد طبع بعضها لأكثر من طبعة، نظرًا إلى فائدتها وانتشارها. ولئن وثّق البحث المؤلّفات كافّة التي أعدّها الموارنة في هذه المراحل الأساسيّة المذكورة من تاريخ الكنيسة المارونيّة، إلّا أنّ الكاتب لم يغفل الإطلالة على مستقبل الكتاب في عصرنا الحاليّ الواعد، فنوّهَ بما حصل وجرى ماضيًا، وفتح الباب على آفاق النشر الإلكترونيّ الواعدة إلى جانب النشر الورقيّ التقليديّ.

أيقونة مدينة بيروت العجائبيّة
نالت مدينة بيروت في العصور الوسطى شهرةً واسعة في العالم المسيحي بسبب الأيقونة العجائبيّة ليسوع المسيح. ومنذ القرن السادس، تذكر المصادر أنّ مدنًا في الشرق كانت تضمّ أيقونات عجائبيّة، ولكن هذه العجائب غابت من المصادر الكنسيّة في الحقبات اللاحقة ولم يعد يرد ذكرها وأصبحت أحداثًا منسيّة. فما السبب الذي أعطى أيقونة بيروت العجائبيّة، وحدها دون غيرها، مكانةً مهمّةً في الكنيسة، خصوصًا في أوروبا، طيلة القرون الوسطى حتى أواخر القرن السادس عشر؟ وأين توجد هذه الأيقونة؟ يهدف هذا المقال ﺇلى اﻹجابة عن هذه الأسئلة باﻹستناد ﺇلى المعلومات الواردة في المصادر البيزنطيّة واللاتينيّة والعربيّة التي تعود ﺇلى الحقبة الواقعة بين القرنين الثامن والخامس عشر، واعتماد منهجيّة علميّة واضحة، والموضوعيّة في التحليل ومقاربة الأحداث التاريخيّة بهدف الوصول ﺇلى الحقيقة.

المئويّة الثانية لمنح زائري دير مار يوحنّا مارون – كفرحي غفرانًا مؤبَّدًا
يصادف العامان 2020 و2021 المئويّة الثانية لمنح البابا بيوس السابع بتاريخ 30 كانون الثاني 1820 غفرانًا مؤبدًا لزائري دير مار يوحنّا مارون الكائن في كفرحي – البترون في الثاني من شهر آذار من كلّ سنة، عيد البطريرك الأوّل على الطائفة المارونيّة الذي أقام في هذا الدير في كفرحي العام 685، وهو المقرّ الأوّل للبطريركيّة المارونيّة وتوفّي فيه العام 707. ولهذه المناسبة تمّ وضع هذه الدراسة المختصرة عن المحطّات البارزة لهذه البلدة كفرحي في فترة ما قبل التاريخ كما رصدها الأب زوموفن اليسوعيّ، وعن نشأتها في الفترة اللاحقة مع إقامة البطريركيّة المارونيّة فيها في عهدها الأوّل وبناء الكنائس – خاصّةً كنيسة مار سركيس على اسم البابا القدّيس سركيس الأوّل – علمًا أنّ هذا البابا كان مجايلًا للقدّيس يوحنّا مارون وشهادة البطريرك الدويهي عن هذه الحقبة، وما لحق بهذا المقام من خراب في القرن السابع عشر إلى زيارة البطريركيّة يوسف إسطفان إلى كفرحي في 16 تشرين الأوّل 1787، وتكليف آل فريفر بإعادة ترميم المقام وإنشاء مدرسة فيه، إلى عقد أوّل مؤتمر لمكافحة الربا وغلاء المعيشة في الشرق في 21 حزيران 1817 بهمّة المطران جرمانوس تابت، إلى افتتاح المدرسة في العام 1812 وازدهارها مع تبّؤ المطران يوسف فريفر رئاستها بين 1872 و1889، الى اعلان البابا بيوس السابع بتاريخ 30 كانون الثاني 1820 غفرانًا مؤبدًا لزائري دير مار يوحنّا مارون في عيد شفيعه، إلى إعادة هامة مار مارون إلى دير مار يوحنّا مارون في كفرحي في 8 كانون الثاني 2000، برعاية البطريرك نصرالله صفير وهمّة راعي الأبرشيّة المطران بولس سعادة الذي جدّد الدير ورفع شأنه، خاصّةً بعد تحويل أبرشيّة البترون إلى نيابة البطريركيّة وهي اليوم برعاية سيادة المطران منير خيرالله الثابت في المحافظة على جذور هذا المقام وتطويره.

علاقات دوما ببعض قرى المتن على الصعيد السكّانيّ في العهد العثمانيّ
لماذا التساؤل حول هذه العلاقات؟
منذ أن تعرّفتُ على دوما في آواخر ستّينيّات القرن الماضي، لاحظت وجود عائلات تحمل أسماء عائلات متواجدة في عدّة قرى متنيّة. أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الأسماء العائليّة التالية: معلوف، المرّ، خير، رحباني، شويري، سماحة، يافت، صوايا.
فقرّرتُ أن أتحرّى عمّا دفع هذه العائلات إلى الانتقال من بعض قرى المتن: كفرعقاب، المحيدثة، بتغرين، الخنشارة، وغيرها إلى دوما. وهي عائلات تنتمي غالبًا إلى كنيستَي الروم الأرثوذكس والروم الكاثوليك. ونحن معتادون لدى دراسة الديمغرافيا التاريخيّة للموارنة أن نلاحظ هجرة من شمال السلسلة الغربيّة للبنان (جبّة بشرّي، البترون، جبيل، إلخ…) صوب وسط السلسلة وجنوبها: أي صوب كسروان والمتن والشوف وجزّين حتّى أقصى جبل عامل.

تعاملُ الإنسان مع سرّ الواقع وغريزة الإبداع العلاقة الجدليّة القائمة بين الدّين والعِلْم والفنّ
يتطرّق كاتبُ المقال، بدءًا، إلى العلاقة الجدليّة بين الدين والعلم والفنّ. ثمّ يبيّنُ سبب الخلاف الكامن بين هذه الميادين الثلاثة في التجارب البشريّة. بعدها، واستنادًا إلى نظريّة الرسوم البيانيّة الخاصّة بالتحليل النفسيّ عند كارل يونغ، والتي بحسبها يتعامل الإنسان وسرَّ الواقع من خلال كلّ من الدين، والعِلم، والفنّ، لاجئًا إلى قدرات حَدسِه وخَياله، يؤكّدُ الكاتب أنّ هذه العمليّة تتجاوزُ مجرّدَ اختبار الواقع للتمكّن من التعبير الرمزيّ عن واقعٍ غير مرئيّ. ومن هنا ضرورة الالتزام بالتكامل بين هذه الميادين الثلاثة، ومَنع انفصالها أو انحرافها.

الأخلاق الصوفيَّة في الخطاب المعاصر «الإنسان الكامل» والمواطنة العالميَّة
يوضحُ الكاتب في مقدِّمة بحثه مسألةَ علاقة التصوُّف الإسلاميّ ببعدَيْن أساسيَّين: البعد التوحيديّ المتمثّل بالخالق – البعد العموديّ -؛ والبعد الإيطيقيّ (الأخلاقيّ) المتمثّل بصلاح قلب الإنسان والفضائل – البعد الأفقيّ -. وقد ربطَ الباحث البعد الأفقيّ، إذ جاز التعبير، بمفهوم “الإنسان الكامل” الذي وردَ غالبًا في الأدبيّات الصوفيّة، وتعلّق بالكمال والأُسوة التي جسّدها الرسول محمّد (صلعم). ولتوضيح مفهوم “الإنسان الكامل” عالجه الكاتب من منظور التصوّف الفلسفيّ الذي انطلق من محيي الدِّين بن عربيّ المتصوّف الإسلاميّ الشهير، وصولًا إلى الأمير عبد القادر الجزائريّ لاحقًا. ولئن كان البعد الإيطيقيّ (الأخلاقيّ) في التصوّف مرتبطًا بصلاح القلب والفضائل المتجسِّدة بالعلاقة بالآخر، فقد ركّز الكاتب عبد الوهّاب بلغراس على مفهوم المواطنة والمواطنة العالميّة التي تُجسِّد هذا البعد المفهوميّ عند الشيخ خالد بن تونس، في عصر العولمة والانفتاح والاكتشافات على أنواعها. وذلك، من دون أن يغفل ذكر مؤلَّفات الشيخ ابن تونس باللغة الفرنسيّة التي تحاكي أبعاد التصوّف الدينيّ والإنسانيّ والعلاجيّ.

مكاريوس – سمعان المنحول. المقالة السريانيّة الرابعة، المنسوبة خطأً إلى مرقس المتوحّد في مخطوطَيْ ڤاتيكان سريانيّ 121 و122
عاش مكاريوس- سمعان المنحول (+ 400 م)، حياة نسكيّة، في رهبانيّة بدائية مكوّنة من مجموعات صغيرة. تثقّف بفلسفة عصره اليونانيّة من أفلاطونيّة ورواقيّة، ودرس القانون في مدرسة بيروت الحقوقيّة. كتب دومًا عن المحبة، جوهر الحياة المسيحيّة، كما تميّزت كتاباته في النعمة والصلاة والروح القدس، ووصلت إلينا مئات المخطوطات في كلّ اللغات الحيّة في ذلك الحين.
حقّق شتروتمانSTROTHMANN المخطوطات السريانية جميعها في كتابه: Die Syrische Überlieferung der Schriften des Makarios. ، لكنّه لم ينشر مقالة الغربال، الموجودة في مخطوطي فاتيكان سريانيّ 121 و122، لأنها تحت اسم مرقس المتوحّد، فقمنا بنشرها.
تعدّ هذه المقالة، من ضمن سلسلة مقالاته، من مصادر الحياة الرهبانية في بداياتها، التي تدعو المؤمن ليترك العالم وشهواته الذي ينتهي بالموت، الى احتذاء مثل الآباء القديسين، الذين تخلوا عن هذه الدنيا، طاعة لإرادة الرب، مثل إبراهيم وايوب، فيدخل حينئذ في ربيع دائم وقيامة أبدية!

إعترافا إيمانٍ من تصنيف يوحنّا الدمشقيّ «دستور الأمانة المستقيمة» و«تصنيفُ الأمانةِ وإيضاحُها»
اشتهر الدمشقيّ بكتاباته اللاهوتيّة واعترافات الإيمان التي تركها للكنيسة. فهو الملقّب ب”العالم العامل” الذي سهر على تفسير إيمان الكنيسة الجامعة مستشهدًا بالآباء والمجامع التي سبقته. وقد نشر بونيفاتيوس كوتر هه الأعمال بلغتها الأصليّة اليونانيّة. أمّا الترجمة العربيّة الممنهجة لأعمال الدمشقيّ التي بدأت في أواخر القرن العاشر (وربّما أوائل القرن الحادي عشر) فما زالت بمعظمها مدوّنة بخطّ اليد. فنحن نرجو أن ننشر تباعًا ما لم ينشر منها بعد. وفي هذا الصدد نقدّم هنا وننشر «دستور الأمانة المستقيمة» و«تصنيفُ الأمانةِ وإيضاحُها». وبما أنّ أصل هذه الأخيرة اليونانيّ ضائع فسنقوم بنشر ترجمة ترجمة إنكليزية للنصّ ضمن أعمال ورشة عمل “يوحنا الدمشقيّ. أكثر من مجرّد جامع” في مؤتمر الدراسات الآبائية الثامن عشر في أكسفورد.
