السنة ٩٢
الجزء الثاني

السنة الثانية والتسعون | الجزء الثاني | تمّوز – كانون الأوّل ٢٠١٨

أطلب نسختك الورقيّة

تصفّح النسخة الرقميّة

إفتتـاحيّــة العدد

اقرأ الافتتاحيّة كاملةً

جنون الحبّ أمام جنون الحرب!

بما‭ ‬أنّ‭ ‬منطقتنا‭ ‬العربيّة‭ ‬والشرق‭ ‬أوسطيّة‭ ‬تعيش‭ ‬خارج‭ ‬المألوف،‭ ‬أيْ‭ ‬في‭ ‬الحروب‭ ‬والكراهية،‭ ‬والمألوف‭ ‬هوالحبّ‭ ‬والعدل‭ ‬والسلام،‭ ‬فإنّني‭ ‬أقترح‭ ‬عليكم‭ ‬أن‭ ‬أكتب‭ ‬في‭ ‬أمر‭ ‬مألوف،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬غير‭ ‬مألوف‭. ‬إنّه‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التأمّل‭ ‬الفلسفيّ‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬طريق‭ ‬الخلاص،‭ ‬في‭ ‬جنون‭ ‬الحبّ،‭ ‬نعم‭ ‬في‭ ‬جنون‭ ‬الحبّ‭.‬

لا‭ ‬بدّ‭ ‬أن‭ ‬أعرّج‭ ‬على‭ ‬إحدى‭ ‬فلاسفة‭ ‬هذا‭ ‬الدهر‭ ‬اللواتي‭ ‬طبعن‭ ‬بطابعهن‭ ‬الفكر‭ ‬الخارج‭ ‬من‭ ‬دياميس‭ ‬الحرب‭ ‬العالميّة‭ ‬الثانية‭. ‬إنّها‭ ‬سيمون‭ ‬فايل،‭ ‬المفكّرة‭ ‬الخارجة‭ ‬عن‭ ‬المألوف،‭ ‬التي‭ ‬قالت‭ ‬مرّة‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬كتاباتها‭: ‬‮«‬إنّ‭ ‬جنون‭ ‬الحبّ‭ ‬يدفع‭ ‬كلّ‭ ‬امرئٍ‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬هذه‭ ‬البسيطة،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أيّ‭ ‬استثناء‭ ‬في‭ ‬دينه‭ ‬أو‭ ‬عِرْقه‭ ‬أو‭ ‬ثقافته،‭ ‬وفي‭ ‬كلّ‭ ‬مكان‭ ‬من‭ ‬أمكنة‭ ‬الأرض‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يعبّر‭ ‬عن‭ ‬تضامنه،‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬عن‭ ‬حبّه‭ ‬وعطفه‭ ‬على‭ ‬كلّ‭ ‬الكائنات‭ ‬السريعة‭ ‬العطب‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬طيّاتها‭ ‬عبقًا‭ ‬بين‭ ‬الجمال‭ ‬والسعادة‭. ‬جنون‭ ‬الحبّ‭ ‬يدفع‭ ‬إلى‭ ‬حماية‭ ‬هذه‭ ‬الكائنات،‭ ‬أبشريّةً‭ ‬كانت‭ ‬أم‭ ‬حتّى‭ ‬من‭ ‬أجناس‭ ‬أخرى،‭ ‬أم‭ ‬أشياء‭ ‬مادّيّة‭ ‬أو‭ ‬لامادّيّة‭ ‬أدرجت‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬التاريخ‭ ‬البشريّ‮»‬‭.‬

إنَّ‭ ‬جنون‭ ‬الحبّ‭ ‬يدفع‭ ‬إلى‭ ‬استنكار‭ ‬المجازر‭ ‬التي‭ ‬يقترفها‭ ‬الناس‭ ‬بعضهم‭ ‬ببعضهم‭ ‬الآخر،‭ ‬لا‭ ‬الشفقة‭ ‬ولا‭ ‬الحسابات‭ ‬السياسيّة‭ ‬الضيّقة‭ ‬أو‭ ‬الواسعة،‭ ‬لأنّ‭ ‬جنون‭ ‬الحبّ‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يدفع‭ ‬إلى‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الرأفة‭ ‬تجاه‭ ‬العدوّ،‭ ‬حتّى‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬متغطرسًا‭. ‬في‭ ‬العادة،‭ ‬مَن‭ ‬يحبّ‭ ‬لا‭ ‬يعبّر‭ ‬كثيرًا‭ ‬بالكلمات‭ ‬والإشارات‭ ‬عن‭ ‬حبّه،‭ ‬لأنّ‭ ‬جنون‭ ‬الحبّ‭ ‬إنّما‭ ‬يحوّل‭ ‬مَن‭ ‬يحبّ‭ ‬إلى‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الشمس‭ ‬المُشعّة،‭ ‬لأنّ‭ ‬الحبّ‭ ‬لا‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬الكلمات،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬الأعمق‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬بكثير،‭ ‬في‭ ‬الأفكار‭ ‬وفي‭ ‬العاطفة‭ ‬وفي‭ ‬حركة‭ ‬اليدَيْن‭ ‬والجفون‭ ‬وفي‭ ‬النظرة‭. ‬فعندما‭ ‬تأتي‭ ‬الكلمات،‭ ‬تكون‭ ‬إشعاعًا‭ ‬لما‭ ‬في‭ ‬الفكر‭ ‬والقلب‭ ‬تجاه‭ ‬الكائن‭ ‬الآخر،‭ ‬رغبةً‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬ينمو‭ ‬هذا‭ ‬الآخر‭ ‬في‭ ‬الحبّ‭ ‬والخير‭ ‬والسعادة‭.‬

جنون‭ ‬الحبّ‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬أرسطو‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬كتاباته‭ ‬يمنع‭ ‬التعبير‭ ‬بالكلمات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬طيّاتها‭ ‬فكرة‭ ‬الحبّ،‭ ‬وجنون‭ ‬الحبّ‭ ‬يمنع‭ ‬الأفكار‭ ‬والخواطر‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يقدر‭ ‬الواحد‭ ‬أن‭ ‬يشعّ‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬حبًّا‭ ‬وعاطفة‭. ‬وربّ‭ ‬سائل‭ ‬يسأل‭: ‬هل‭ ‬جنون‭ ‬الحبّ‭ ‬هو‭ ‬خارج‭ ‬العقل‭ ‬والمنطق؟‭ ‬جواب‭ ‬الفيلسوف‭ ‬الألمانيّ‭ ‬هيغل‭ ‬أنّ‭ ‬الحبّ‭ ‬هو‭ ‬العبارة‭ ‬الأسمى‭ ‬للحياة‭ ‬والعقل،‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬هذه‭ ‬العبارة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬إنّه‭ ‬يعمل‭ ‬لتوحيد‭ ‬تلك‭ ‬الحياة‭ ‬بعضها‭ ‬مع‭ ‬الآخر،‭ ‬وهو‭ ‬ليس‭ ‬نقيض‭ ‬جنون‭ ‬الحبّ،‭ ‬بل‭ ‬إنّه‭ ‬يعبّر‭ ‬عن‭ ‬معانيه‭ ‬وغاياته‭. ‬ويأتي‭ ‬العقل‭ ‬الأخلاقيّ‭ ‬ليوجّه‭ ‬الحبّ‭ ‬في‭ ‬جنونه‭ ‬إلى‭ ‬احترام‭ ‬كرامة‭ ‬الآخر،‭ ‬لأنّ‭ ‬الحبّ‭ ‬في‭ ‬نظره‭ ‬ليس‭ ‬مجرّد‭ ‬عاطفة‭ ‬أو‭ ‬شعور،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬حركة‭ ‬داخليّة‭ ‬هدفها‭ ‬توحيد‭ ‬الكيان‭ ‬الداخليّ‭ ‬لكلّ‭ ‬شخص‭ ‬محبّ‭ ‬أو‭ ‬حبيب‭.‬

إنَّ‭ ‬جنون‭ ‬الحبّ،‭ ‬ونحن‭ ‬ناظرين‭ ‬إلى‭ ‬حالتنا‭ ‬التي‭ ‬يرثى‭ ‬لها،‭ ‬يقول‭ ‬بصوت‭ ‬عالٍ‭: ‬لا‭ ‬مجال‭ ‬أن‭ ‬يُمرَّغ‭ ‬البريء‭ ‬دومًا‭ ‬في‭ ‬التراب‭ ‬وأن‭ ‬يهان‭ ‬كلّ‭ ‬يوم،‭ ‬وألّا‭ ‬ينال‭ ‬المجرم‭ ‬باسم‭ ‬الحبّ‭ ‬عقابه‭. ‬والحبُّ‭ ‬المجنون‭ ‬هو‭ ‬صديق‭ ‬الحكمة،‭ ‬لا‭ ‬صديق‭ ‬الواقعيّات‭ ‬السياسيّة،‭ ‬أو‭ ‬نديم‭ ‬المصلحة‭ ‬العامّة،‭ ‬ولا‭ ‬شيء‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يوقف‭ ‬جنون‭ ‬الحبّ‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬الكاردينال‭ ‬لوستجيه،‭ ‬لا‭ ‬الشتائم‭ ‬ولا‭ ‬الاضطهادات‭ ‬ولا‭ ‬التهديدات‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬توقف‭ ‬صبر‭ ‬المحبّة‭ ‬وتقدّم‭ ‬الحبّ‭ ‬في‭ ‬شرايين‭ ‬البشريّة‭. ‬مجتمعاتنا‭ ‬كم‭ ‬هي‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬جنون‭ ‬الحبّ‭ ‬لكي‭ ‬تتحوّل‭ ‬من‭ ‬نظرة‭ ‬الحقد‭ ‬على‭ ‬الآخر‭ ‬المختلف‭ ‬إلى‭ ‬نظرة‭ ‬تساعد‭ ‬كلّ‭ ‬إنسان‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكتسب‭ ‬معنًى‭ ‬لحياته‭ ‬وأن‭ ‬يؤكّد‭ ‬كرامته،‭ ‬طريقًا‭ ‬إلى‭ ‬الخلاص‭.‬

إفتتـاحيّــة العدد

اقرأ الافتتاحيّة كاملةً

جنون الحبّ أمام جنون الحرب!

بما‭ ‬أنّ‭ ‬منطقتنا‭ ‬العربيّة‭ ‬والشرق‭ ‬أوسطيّة‭ ‬تعيش‭ ‬خارج‭ ‬المألوف،‭ ‬أيْ‭ ‬في‭ ‬الحروب‭ ‬والكراهية،‭ ‬والمألوف‭ ‬هوالحبّ‭ ‬والعدل‭ ‬والسلام،‭ ‬فإنّني‭ ‬أقترح‭ ‬عليكم‭ ‬أن‭ ‬أكتب‭ ‬في‭ ‬أمر‭ ‬مألوف،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬غير‭ ‬مألوف‭. ‬إنّه‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التأمّل‭ ‬الفلسفيّ‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬طريق‭ ‬الخلاص،‭ ‬في‭ ‬جنون‭ ‬الحبّ،‭ ‬نعم‭ ‬في‭ ‬جنون‭ ‬الحبّ‭.‬

لا‭ ‬بدّ‭ ‬أن‭ ‬أعرّج‭ ‬على‭ ‬إحدى‭ ‬فلاسفة‭ ‬هذا‭ ‬الدهر‭ ‬اللواتي‭ ‬طبعن‭ ‬بطابعهن‭ ‬الفكر‭ ‬الخارج‭ ‬من‭ ‬دياميس‭ ‬الحرب‭ ‬العالميّة‭ ‬الثانية‭. ‬إنّها‭ ‬سيمون‭ ‬فايل،‭ ‬المفكّرة‭ ‬الخارجة‭ ‬عن‭ ‬المألوف،‭ ‬التي‭ ‬قالت‭ ‬مرّة‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬كتاباتها‭: ‬‮«‬إنّ‭ ‬جنون‭ ‬الحبّ‭ ‬يدفع‭ ‬كلّ‭ ‬امرئٍ‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬هذه‭ ‬البسيطة،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أيّ‭ ‬استثناء‭ ‬في‭ ‬دينه‭ ‬أو‭ ‬عِرْقه‭ ‬أو‭ ‬ثقافته،‭ ‬وفي‭ ‬كلّ‭ ‬مكان‭ ‬من‭ ‬أمكنة‭ ‬الأرض‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يعبّر‭ ‬عن‭ ‬تضامنه،‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬عن‭ ‬حبّه‭ ‬وعطفه‭ ‬على‭ ‬كلّ‭ ‬الكائنات‭ ‬السريعة‭ ‬العطب‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬طيّاتها‭ ‬عبقًا‭ ‬بين‭ ‬الجمال‭ ‬والسعادة‭. ‬جنون‭ ‬الحبّ‭ ‬يدفع‭ ‬إلى‭ ‬حماية‭ ‬هذه‭ ‬الكائنات،‭ ‬أبشريّةً‭ ‬كانت‭ ‬أم‭ ‬حتّى‭ ‬من‭ ‬أجناس‭ ‬أخرى،‭ ‬أم‭ ‬أشياء‭ ‬مادّيّة‭ ‬أو‭ ‬لامادّيّة‭ ‬أدرجت‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬التاريخ‭ ‬البشريّ‮»‬‭.‬

إنَّ‭ ‬جنون‭ ‬الحبّ‭ ‬يدفع‭ ‬إلى‭ ‬استنكار‭ ‬المجازر‭ ‬التي‭ ‬يقترفها‭ ‬الناس‭ ‬بعضهم‭ ‬ببعضهم‭ ‬الآخر،‭ ‬لا‭ ‬الشفقة‭ ‬ولا‭ ‬الحسابات‭ ‬السياسيّة‭ ‬الضيّقة‭ ‬أو‭ ‬الواسعة،‭ ‬لأنّ‭ ‬جنون‭ ‬الحبّ‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يدفع‭ ‬إلى‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الرأفة‭ ‬تجاه‭ ‬العدوّ،‭ ‬حتّى‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬متغطرسًا‭. ‬في‭ ‬العادة،‭ ‬مَن‭ ‬يحبّ‭ ‬لا‭ ‬يعبّر‭ ‬كثيرًا‭ ‬بالكلمات‭ ‬والإشارات‭ ‬عن‭ ‬حبّه،‭ ‬لأنّ‭ ‬جنون‭ ‬الحبّ‭ ‬إنّما‭ ‬يحوّل‭ ‬مَن‭ ‬يحبّ‭ ‬إلى‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الشمس‭ ‬المُشعّة،‭ ‬لأنّ‭ ‬الحبّ‭ ‬لا‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬الكلمات،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬الأعمق‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬بكثير،‭ ‬في‭ ‬الأفكار‭ ‬وفي‭ ‬العاطفة‭ ‬وفي‭ ‬حركة‭ ‬اليدَيْن‭ ‬والجفون‭ ‬وفي‭ ‬النظرة‭. ‬فعندما‭ ‬تأتي‭ ‬الكلمات،‭ ‬تكون‭ ‬إشعاعًا‭ ‬لما‭ ‬في‭ ‬الفكر‭ ‬والقلب‭ ‬تجاه‭ ‬الكائن‭ ‬الآخر،‭ ‬رغبةً‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬ينمو‭ ‬هذا‭ ‬الآخر‭ ‬في‭ ‬الحبّ‭ ‬والخير‭ ‬والسعادة‭.‬

جنون‭ ‬الحبّ‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬أرسطو‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬كتاباته‭ ‬يمنع‭ ‬التعبير‭ ‬بالكلمات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬طيّاتها‭ ‬فكرة‭ ‬الحبّ،‭ ‬وجنون‭ ‬الحبّ‭ ‬يمنع‭ ‬الأفكار‭ ‬والخواطر‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يقدر‭ ‬الواحد‭ ‬أن‭ ‬يشعّ‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬حبًّا‭ ‬وعاطفة‭. ‬وربّ‭ ‬سائل‭ ‬يسأل‭: ‬هل‭ ‬جنون‭ ‬الحبّ‭ ‬هو‭ ‬خارج‭ ‬العقل‭ ‬والمنطق؟‭ ‬جواب‭ ‬الفيلسوف‭ ‬الألمانيّ‭ ‬هيغل‭ ‬أنّ‭ ‬الحبّ‭ ‬هو‭ ‬العبارة‭ ‬الأسمى‭ ‬للحياة‭ ‬والعقل،‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬هذه‭ ‬العبارة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬إنّه‭ ‬يعمل‭ ‬لتوحيد‭ ‬تلك‭ ‬الحياة‭ ‬بعضها‭ ‬مع‭ ‬الآخر،‭ ‬وهو‭ ‬ليس‭ ‬نقيض‭ ‬جنون‭ ‬الحبّ،‭ ‬بل‭ ‬إنّه‭ ‬يعبّر‭ ‬عن‭ ‬معانيه‭ ‬وغاياته‭. ‬ويأتي‭ ‬العقل‭ ‬الأخلاقيّ‭ ‬ليوجّه‭ ‬الحبّ‭ ‬في‭ ‬جنونه‭ ‬إلى‭ ‬احترام‭ ‬كرامة‭ ‬الآخر،‭ ‬لأنّ‭ ‬الحبّ‭ ‬في‭ ‬نظره‭ ‬ليس‭ ‬مجرّد‭ ‬عاطفة‭ ‬أو‭ ‬شعور،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬حركة‭ ‬داخليّة‭ ‬هدفها‭ ‬توحيد‭ ‬الكيان‭ ‬الداخليّ‭ ‬لكلّ‭ ‬شخص‭ ‬محبّ‭ ‬أو‭ ‬حبيب‭.‬

إنَّ‭ ‬جنون‭ ‬الحبّ،‭ ‬ونحن‭ ‬ناظرين‭ ‬إلى‭ ‬حالتنا‭ ‬التي‭ ‬يرثى‭ ‬لها،‭ ‬يقول‭ ‬بصوت‭ ‬عالٍ‭: ‬لا‭ ‬مجال‭ ‬أن‭ ‬يُمرَّغ‭ ‬البريء‭ ‬دومًا‭ ‬في‭ ‬التراب‭ ‬وأن‭ ‬يهان‭ ‬كلّ‭ ‬يوم،‭ ‬وألّا‭ ‬ينال‭ ‬المجرم‭ ‬باسم‭ ‬الحبّ‭ ‬عقابه‭. ‬والحبُّ‭ ‬المجنون‭ ‬هو‭ ‬صديق‭ ‬الحكمة،‭ ‬لا‭ ‬صديق‭ ‬الواقعيّات‭ ‬السياسيّة،‭ ‬أو‭ ‬نديم‭ ‬المصلحة‭ ‬العامّة،‭ ‬ولا‭ ‬شيء‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يوقف‭ ‬جنون‭ ‬الحبّ‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬الكاردينال‭ ‬لوستجيه،‭ ‬لا‭ ‬الشتائم‭ ‬ولا‭ ‬الاضطهادات‭ ‬ولا‭ ‬التهديدات‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬توقف‭ ‬صبر‭ ‬المحبّة‭ ‬وتقدّم‭ ‬الحبّ‭ ‬في‭ ‬شرايين‭ ‬البشريّة‭. ‬مجتمعاتنا‭ ‬كم‭ ‬هي‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬جنون‭ ‬الحبّ‭ ‬لكي‭ ‬تتحوّل‭ ‬من‭ ‬نظرة‭ ‬الحقد‭ ‬على‭ ‬الآخر‭ ‬المختلف‭ ‬إلى‭ ‬نظرة‭ ‬تساعد‭ ‬كلّ‭ ‬إنسان‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكتسب‭ ‬معنًى‭ ‬لحياته‭ ‬وأن‭ ‬يؤكّد‭ ‬كرامته،‭ ‬طريقًا‭ ‬إلى‭ ‬الخلاص‭.‬

محتويات العدد

@
تقنيّة القناع في قصيدة «تحوّلات الصّقر» لأدونيس
بقلم مريم بخشنده، مراجعة د. صبحي البستانيّ
@
الشعر العربيّ المعاصر ومسؤوليّة التجديد اللغويّ
بقلم د. إبراهيم نادن الحدوشي
@
الكتاب في العربيّة من أيّام الجاهليّة
بقلم الأب حنّا إسكندر
@
التوصيف القانونيّ والتاريخيّ والسياسيّ للملكيّة في لبنان الإمارة والمتصرّفيّة
بقلم هيام جورج ملّاط
@
دوقيّة ميلانو والسلطنة المملوكيّة إبّان القرنين الرابع عشر والخامس عشر
بقلم د. بيار مكرزل
@
القدّيس فرنسيس كَسافاريوس الرسول الهُمام الأمين (١)
بقلم د. منى كرم
@
إرادة الحبر الأعظم فرنسيس الرسوليّة «يسوع العطوف الرحوم»
بقلم الأبّاتي مارون نصر
@
إفتتاحيّة: جنون الحبّ أمام جنون الحرب!
بقلم الأب سليم دكّاش اليسوعيّ
@
حظوظ العلمانيّة في البلدان العربيّة
بقلم الأب صلاح أبو جوده اليسوعيّ
@
علاقةُ الفلسفة بالشريعة (مَقالة عَمِلها أبو عليّ عيسى بنُ إسحق بنُ زُرْعة، لبَعض إخوانه، يُبيِّن فيها براءة الناظِرين في المنطِق والفَلسفة مِمّا يُقرَفُون مِن فَساد الدِين). دراسة ونصّ
تحقيق الأب بيير مصري، تقديم د. نادين عبّاس
@
الرجاء المسيحيّ ثانيةً: ما هو مصدره، وما تأثيره في الإنسان؟
بقلم الأب سليم دكّاش اليسوعيّ
@
خواطر في إنسانيّة يسوع المسيح - يسوع بين الأحداث الحياتيّة ومواقفه الشخصيّة
بقلم الأب فاضل سيداروس اليسوعيّ
@
«الشهداء والمستشهدون» «شهادة يجب ألّا تُنتسى»
بقلم المطران نيقولا أنتيبا ق.ب
@
من اللغة إلى المعنى: علامات لسانيّة لفهم الجمال النصّيّ
بقلم د. غــابي الفغالي
i

مقالات هذا العدد

حظوظ العلمانيّة في البلدان العربيّة

يراجعُ المؤلِّف، في هذا المقال، الخطوطَ العريضة الخاصّة بأصحاب النظرة الجوهرانيّة الذين ينسبون أسباب إخفاقات العلمانيّة في العالم العربيّ إلى تعارض الدين الإسلاميّ ومبادئ الحداثة الغربيّة بوجهٍ عامّ من جهة، وخطوط أصحاب المقاربة الظرفيّة الذين ينسبون هذا الفشل إلى الظروف التاريخيّة التي دعمت تيّاراتٍ خاصّة بالفكر الإسلاميّ غير المؤاتي للعلمانيّة من جهة أخرى. والمؤلِّف يميّزُ نظرةً جوهرانيّة في مختلف التيّارات الإسلاميّة، ولاسيّما في ما يخصُّ الإحالة إلى النصوص المقدّسة بهدف استنباط الاتّجاهات الأخلاقيّة والسياسيّة التي تناسب الواقع. ولكنّه في الوقت عينه، يُبرزُ أهميّةَ تقوية المناظرة بين التيّارات الليبراليّة والإسلاميّة، مناظرة لا تزال واعِدة على الرغم من أنّ وضع العالم العربيّ اليوم تسيطر عليه مواجهةٌ سنّيّة-شيعيّة وعنفٌ دوليّ شديد.

علاقةُ الفلسفة بالشريعة

إنّ مقالة عيسى بن زُرعة، وعنوانُها “مقالة عملها أبو عليّ عيسى بنُ إسحق بنُ زُرعة، لبعض إخوانه، يبيّن فيها براءة الناظِرين في المنطِق والفلسفة ممّا يُقرَفون من فساد الدين”، تدرس مسألة العلاقة بين الفلسفة والدِّين. وعيسى، في نصّه هذا، يبرهن خطأ الذين يعتقدون أنّ الفلسفة تُفسِدُ الدِّين.
ينقسم مقالُنا إلى قسمَين:
أ‌- دراسة
1- حياة عيسى بن زُرعة وآثاره.
2- النصّ: أصالتُه ومضمونه.
ب‌- نقد
1- وصف المخطوط ودراسته، وأسلوب نشره.
نصّ ناقد لعيسى بن زُرعة.

تقديم د. نادين عبّاس.

الرجاء المسيحيّ ثانيةً: ما هو مصدره، وما تأثيره في الإنسان؟

في مجتمعنا الأقرب والأبعد معًا، يحيا شعورٌ مزدوج: شعور بالرضا إذ ثمّة تطوّر في المجالات التي ترفعُ كرامةَ الإنسان، وشعور بالخيبة إذ كلّ شيء ماضٍ إلى الزوال بسبب العنف بمظاهره كافّةً، ولأنّ المستقبل مُظلِم. فهذه الدراسة تطرح السؤال التالي: كيف أمكنَ البشريّةَ إدراك هذا التطوّر الزاهر وفي الوقت نفسه فقدت السيطرة على الشرّ الذي لا يتوقّف عن تهديد وجودها على الأرض؟ الجواب هو أنّ البشريّة، عندما تتّجه نحو فضيلة الأمل، تتقرّب من القيَم الإنسانيّة والروحيّة، وقد بدأت بتطبيقها. وإذ نُشيرُ إلى مثال كارلو ماريا مارتيني وإلى البابا فرنسيس، نكتشفُ الطريقة الجيّدة لنعيشَ الأمل ونطبّقه.

خواطر في إنسانيّة يسوع المسيح – يسوع بين الأحداث الحياتيّة ومواقفه الشخصيّة –

يهدف هذا المقال، وضمن إطار تعميق معنى إنسانيّة يسوع، إلى تبيان كيف أنّ يسوع عاشَ وفاءً للأحداث، معتبرًا إيّاها “حيّزًا روحيًّا” للبحث عن مشيئة أبيه السماويّ وإيجادها لكي يُطيعَه أيّما طاعة. وثمّة قراءة بيبليّة تسمح بالتحديد بكشف هذه الصلة بين أحداث حياة المسيح وطريقة طاعته مشيئةَ الله. أمّا “الأحياز الروحيّة” الرئيسيّة التي يمكننا ذكرها في هذا الشأن فهي: إيمان يسوع الموجود دائمًا في صلاته، ومختلف الإغراءات التي عاشها، وإعلانه ملكوت الربّ ودعوته إلى الاهتداء إلى الله، ومعجزاته وشفاءاته، وآلامه وموته، وأخيرًا رؤيته للمستقبل. وهكذا، عندما قدّم بيلاطُس يسوع إلى الجماهير مُعلنًا: “هذا هو الرجُل”، فهو قد قدّم في الواقع مثالًا للإنسانيّة يعبّر نِعمَ التعبير عن أحداث الحياة التي تُظهرُ مشيئةَ الله.

«الشهداء والمستشهدون» «شهادة يجب ألّا تُنتسى»

لقد ذكرَ البابا يوحنّا بولس الثاني، في رسالته البابويّة “إطلالة الألف الثالث”، أهمّيّةَ “مسكونيّة الشهداء” (في المقطع 37). هذه هي نقطة ثقافتنا المحوريّة حيث يمكن كلَّ المسيحيّين أن يجتمعوا. فقداسة البابا يدعونا إلى التفكير في ما يقرّبنا بعضنا من بعض أكثر منه في ما يفرّقنا. ننطلق، في قسمٍ أوّل، من تفكيرٍ في معنى كلمة “شهيد” لنشدّد على تعبير القدّيس بوليقَربُس “الشهادة بحسب الإنجيل”. ونعرض في قسمٍ ثانٍ أهميّة الشهادة في الكتابات المقدّسة، ومؤلّفات آباء الكنيسة، ولاهوت الكنيسة، خاصّةً في المجمع الفاتيكانيّ الثاني.
فالشهادة، في الختام، يمكن أن تصبح في المستقبل الطريق نحو “الشراكة الكنسيّة” بين الكنائس، إذ، وبحسب كلمة البابا فرنسيس، “القدّيسون يدفعون الكنيسة إلى الأمام… لتُعطينا السلامَ والوحدة”.

من اللغة إلى المعنى: علامات لسانيّة لفهم الجمال النصّيّ

لقد رغب الكاتب، من خلال هذه المحاولة اللغويّة التطبيقيّة الإضافيّة، في دراسة النصّ لغويًّا. لهذا، لجأ إلى مجموعة من النصوص الفنيّة المهمّة لكلّ نصٍّ منها خصائص تميّزُه، وهدف الكاتب من ذلك أن يترك الحريّة للقرّاء كي يستفيدوا من تلك النصوص في دراساتهم المتنوّعة، وكي يستنبطوا منها الأُسُس البدئيّة التي ستمكّنهم من استيعاب الدلالات الفنيّة والقدرات الفكريّة العميقة الواردة فيها، وإبداعها اللامحدود.

تقنيّة القناع في قصيدة «تحوّلات الصّقر» لأدونيس

إنّ التقنيّة الشعريّة “تقنيّة القناع”، بصفتها أسلوبَ تعبير في الشعر العربيّ الحديث، قد تطوّرت في الستّينيّات، متأثّرة بالشعر الغربيّ. فيها يُعبَّر عن تجربة حاليّة ومعاصرة من خلال شخصيّة منتمية إلى تراثٍ محدّد ومترسّخة في الذاكرة الجماعيّة. هكذا، يتماشى صوتان في القصيدة الشعريّة: صوت الشاعر وصوت الشخصيّة التاريخيّة والأسطوريّة. وأدونيس هو من أكثر الشعراء الذين اعتمدوا هذه البَينُصوصيّة في قصائده؛ فإنّ شخصيّات رمزيّة كالمسيح، والحسين، والحلّاج، وعبد الرحمن الداخل الملقَّب بصقر قريش، وغيرهم الكثير نجدهم في شعره. أمّا هذا المقال فيتطرّق إلى البُعد الشعريّ الخاصّ بالشخصيّة التاريخيّة صقر قريش في قصيدة “تحوّلات الصقر” المأخوذة من ديوانه كتاب التحوّلات.

مراجعة د. صبحي البستاني.

الشعر العربيّ المعاصر ومسؤوليّة التجديد اللغويّ

تهدف هذه الدراسة إلى إظهار أُسُس النظريّة الأدبيّة وارتباطها بالآثار النقديّة العربيّة الكلاسيكيّة، ولهذا قمنا بذِكر بعض العوامل التي تساعدنا في إجراء بحثنا: العامل الأوّل هو ميزة النقد العربيّ الذي يستند إلى أهميّة الخطاب اللغويّ العربيّ الاجتماعيّ والتاريخيّ، والثاني هو الحاجة الماسّة إلى التطبيق النظريّ في ما يخصّ الفكر العربيّ، من خلال مظاهر الانفتاح الثقافيّ التي سمحت بترجمة الجهود العلميّة في العالم أجمع، وخاصّةً ما يتعلّق بالثقافة اليونانيّة. وإنّ هذا كلّه قد شارك في وصف الإبداع اللغويّ العربيّ.

الكتاب في العربيّة من أيّام الجاهليّة

إنّ النصوص القرآنيّة هي نصوص متأخّرة عن نصوص الترجمات العربيّة لسفر الخروج المحفوظة في سيناء، وهي كذلك متأخّرة عن النصّ الذي استشهدَ به مكاريوس. والنتيجة أنّ سفر الخروج، وبالتالي التوراة، عُرفت ترجمتها العربيّة قبل الإسلام. وهذا دليل آخر على وجود الكتاب في العربيّة من أيّام الجاهليّة.

التوصيف القانونيّ والتاريخيّ والسياسيّ للملكيّة في لبنان الإمارة والمتصرّفيّة

في جبل لبنان، كلُّ تطوّرٍ زراعيّ كان يفرض تحديد القوانين الشفهيّة أو الكتابيّة الخاصّة بتملّك العقارات، إذ لا نجاحَ للتوطين والتطوّر الزراعيّ بغياب تحديدٍ ملائم لوضع الملك القانونيّ. ولكنّ هذا الوضع القانونيّ لم يكن معتمَدًا في مناطق الولايات القرويّة التي كانت تحت سيطرة السلطة العثمانيّة حيث مبدأ الملك لم يكن واردًا إلّا للمدينة، وحيث كانت العقارات خاضعة لملكيّة الأمير أو الدولة. من هنا تعبير “العقارات الأميريّة” للسكّان مع إمكانيّة الوالي أو الدولة سحب التكليف. وهكذا فإنّ جبل لبنان الخاضع لسُلطة الأمراء من السكّان الأصليّين، من 1516 إلى 1843 قد عرفَ أوضاع التملّك التالية: 1- الأراضي الملك، وتشمل التي داخل المدن والقرى فقط والأراضي الخراجيّة 2- الأملاك الموقوفة غير الصالحة للتفرّغ عنها، 3- الأملاك الأميريّة، وهي ملك الرقبة لصالح الدولة، 4- الأملاك البلديّة، المتروكة لاستعمال الجمهور، 5- الأرض الموات الممكن إدراجها في عمليّات التنمية.

دوقيّة ميلانو والسلطنة المملوكيّة إبّان القرنين الرابع عشر والخامس عشر

لقد أسّست عائلة فِسكونتي التي ملكت حتّى العام 1447 دوقيّةَ ميلانو رسميًّا في العام 1395. وكانت الدوقيّة تقع في وسط إيطاليا الشماليّة، وتطلّ على لومبارديا الشاملة ميلانو وبافيا.
في القرنَين الرابع عشر والخامس عشر، أُقيمت علاقاتٌ سياسيّة واقتصاديّة بين دوقيّة ميلانو والسلطنة المملوكيّة. وقد عكست دوقيّة ميلانو التمدّد الأوروبيّ في الشرق، ومحاولات كلّ دولة أوروبيّة المحافظة على مكانتها على الخارطة التجاريّة للبحر المتوسّط، مع أنّ دورها التجاريّ (دوقيّة ميلانو) مع السلطنة المملوكيّة كان ثانويًّا مقارنةً بدور المدن الأوروبيّة الرئيسيّة كالبندقيّة وفلورنسا وبرشلونة وجنوى.

القدّيس فرنسيس كَسافاريوس الرسول الهُمام الأمين (١)

لقد أثّرت حياة القدّيس فرنسيس كسافاريوس أشدّ التأثير في المؤلِّفة، حتّى إنّها قرّرت كتابة مقال بشأنه يتألّف من ثلاثة أقسام: في الأوّل قدّمت مجموعة من الشهادات التي تبرز أهمّ خصائصه، ثمّ تحدّثت عن ولادته وتقرّبه من الديانة المسيحيّة، وعن سفره إلى باريس حيث التحقَ بمعهد القدّيسة بربارة. من ثمّ أتت على ذكر تعرّفه إلى القدّيس إغناطيوس دي لويولا وتأثيره القويّ فيه، من حيث تعاليمه المسيحيّة ورياضاته الروحيّة الغنيّة. هذا بغضّ النظر عن المعلومات الأخرى الغزيرة التي تنتظر القارئ في هذا المقال، والتي ستؤثّر فيه أيضًا من دون شكّ.

إرادة الحبر الأعظم فرنسيس الرسوليّة «يسوع العطوف الرحوم»

إنّ إرادةَ البابا فرنسيس “يسوع العطوف الرحوم” تحاول شرحَ مضمون المقال “من تلقاء نفسه” وإثبات أهميّة إصلاح البابا المتعلّق بمعايير هذا الإصلاح وتدابيره إزاء طلبات إلغاء الزواج، وبطء المحاكم، واعتماد طريقة جديدة تُدعى تدبير “بريفيور”، بإعطاء الأسقف وحده حقّ حلّ المشاكل. وهذا المقال موضوع الدراسة قد سمح بالتحقّق من أسباب بطلان الزواج، وخاصّةً عدم الإيمان، والإجهاض العشوائيّ وسببه عيش علاقة خارج نطاق الزواج، والعنف الجسديّ، وغير ذلك. ويؤكّد المقال رغبة البابا في حلّ المشكلات والخلافات بين الأزواج في ضوء الرحمة والمسامحة.

i

مقالات هذا العدد

حظوظ العلمانيّة في البلدان العربيّة

يراجعُ المؤلِّف، في هذا المقال، الخطوطَ العريضة الخاصّة بأصحاب النظرة الجوهرانيّة الذين ينسبون أسباب إخفاقات العلمانيّة في العالم العربيّ إلى تعارض الدين الإسلاميّ ومبادئ الحداثة الغربيّة بوجهٍ عامّ من جهة، وخطوط أصحاب المقاربة الظرفيّة الذين ينسبون هذا الفشل إلى الظروف التاريخيّة التي دعمت تيّاراتٍ خاصّة بالفكر الإسلاميّ غير المؤاتي للعلمانيّة من جهة أخرى. والمؤلِّف يميّزُ نظرةً جوهرانيّة في مختلف التيّارات الإسلاميّة، ولاسيّما في ما يخصُّ الإحالة إلى النصوص المقدّسة بهدف استنباط الاتّجاهات الأخلاقيّة والسياسيّة التي تناسب الواقع. ولكنّه في الوقت عينه، يُبرزُ أهميّةَ تقوية المناظرة بين التيّارات الليبراليّة والإسلاميّة، مناظرة لا تزال واعِدة على الرغم من أنّ وضع العالم العربيّ اليوم تسيطر عليه مواجهةٌ سنّيّة-شيعيّة وعنفٌ دوليّ شديد.

علاقةُ الفلسفة بالشريعة

إنّ مقالة عيسى بن زُرعة، وعنوانُها “مقالة عملها أبو عليّ عيسى بنُ إسحق بنُ زُرعة، لبعض إخوانه، يبيّن فيها براءة الناظِرين في المنطِق والفلسفة ممّا يُقرَفون من فساد الدين”، تدرس مسألة العلاقة بين الفلسفة والدِّين. وعيسى، في نصّه هذا، يبرهن خطأ الذين يعتقدون أنّ الفلسفة تُفسِدُ الدِّين.
ينقسم مقالُنا إلى قسمَين:
أ‌- دراسة
1- حياة عيسى بن زُرعة وآثاره.
2- النصّ: أصالتُه ومضمونه.
ب‌- نقد
1- وصف المخطوط ودراسته، وأسلوب نشره.
نصّ ناقد لعيسى بن زُرعة.

تقديم د. نادين عبّاس.

الرجاء المسيحيّ ثانيةً: ما هو مصدره، وما تأثيره في الإنسان؟

في مجتمعنا الأقرب والأبعد معًا، يحيا شعورٌ مزدوج: شعور بالرضا إذ ثمّة تطوّر في المجالات التي ترفعُ كرامةَ الإنسان، وشعور بالخيبة إذ كلّ شيء ماضٍ إلى الزوال بسبب العنف بمظاهره كافّةً، ولأنّ المستقبل مُظلِم. فهذه الدراسة تطرح السؤال التالي: كيف أمكنَ البشريّةَ إدراك هذا التطوّر الزاهر وفي الوقت نفسه فقدت السيطرة على الشرّ الذي لا يتوقّف عن تهديد وجودها على الأرض؟ الجواب هو أنّ البشريّة، عندما تتّجه نحو فضيلة الأمل، تتقرّب من القيَم الإنسانيّة والروحيّة، وقد بدأت بتطبيقها. وإذ نُشيرُ إلى مثال كارلو ماريا مارتيني وإلى البابا فرنسيس، نكتشفُ الطريقة الجيّدة لنعيشَ الأمل ونطبّقه.

خواطر في إنسانيّة يسوع المسيح – يسوع بين الأحداث الحياتيّة ومواقفه الشخصيّة –

يهدف هذا المقال، وضمن إطار تعميق معنى إنسانيّة يسوع، إلى تبيان كيف أنّ يسوع عاشَ وفاءً للأحداث، معتبرًا إيّاها “حيّزًا روحيًّا” للبحث عن مشيئة أبيه السماويّ وإيجادها لكي يُطيعَه أيّما طاعة. وثمّة قراءة بيبليّة تسمح بالتحديد بكشف هذه الصلة بين أحداث حياة المسيح وطريقة طاعته مشيئةَ الله. أمّا “الأحياز الروحيّة” الرئيسيّة التي يمكننا ذكرها في هذا الشأن فهي: إيمان يسوع الموجود دائمًا في صلاته، ومختلف الإغراءات التي عاشها، وإعلانه ملكوت الربّ ودعوته إلى الاهتداء إلى الله، ومعجزاته وشفاءاته، وآلامه وموته، وأخيرًا رؤيته للمستقبل. وهكذا، عندما قدّم بيلاطُس يسوع إلى الجماهير مُعلنًا: “هذا هو الرجُل”، فهو قد قدّم في الواقع مثالًا للإنسانيّة يعبّر نِعمَ التعبير عن أحداث الحياة التي تُظهرُ مشيئةَ الله.

«الشهداء والمستشهدون» «شهادة يجب ألّا تُنتسى»

لقد ذكرَ البابا يوحنّا بولس الثاني، في رسالته البابويّة “إطلالة الألف الثالث”، أهمّيّةَ “مسكونيّة الشهداء” (في المقطع 37). هذه هي نقطة ثقافتنا المحوريّة حيث يمكن كلَّ المسيحيّين أن يجتمعوا. فقداسة البابا يدعونا إلى التفكير في ما يقرّبنا بعضنا من بعض أكثر منه في ما يفرّقنا. ننطلق، في قسمٍ أوّل، من تفكيرٍ في معنى كلمة “شهيد” لنشدّد على تعبير القدّيس بوليقَربُس “الشهادة بحسب الإنجيل”. ونعرض في قسمٍ ثانٍ أهميّة الشهادة في الكتابات المقدّسة، ومؤلّفات آباء الكنيسة، ولاهوت الكنيسة، خاصّةً في المجمع الفاتيكانيّ الثاني.
فالشهادة، في الختام، يمكن أن تصبح في المستقبل الطريق نحو “الشراكة الكنسيّة” بين الكنائس، إذ، وبحسب كلمة البابا فرنسيس، “القدّيسون يدفعون الكنيسة إلى الأمام… لتُعطينا السلامَ والوحدة”.

من اللغة إلى المعنى: علامات لسانيّة لفهم الجمال النصّيّ

لقد رغب الكاتب، من خلال هذه المحاولة اللغويّة التطبيقيّة الإضافيّة، في دراسة النصّ لغويًّا. لهذا، لجأ إلى مجموعة من النصوص الفنيّة المهمّة لكلّ نصٍّ منها خصائص تميّزُه، وهدف الكاتب من ذلك أن يترك الحريّة للقرّاء كي يستفيدوا من تلك النصوص في دراساتهم المتنوّعة، وكي يستنبطوا منها الأُسُس البدئيّة التي ستمكّنهم من استيعاب الدلالات الفنيّة والقدرات الفكريّة العميقة الواردة فيها، وإبداعها اللامحدود.

تقنيّة القناع في قصيدة «تحوّلات الصّقر» لأدونيس

إنّ التقنيّة الشعريّة “تقنيّة القناع”، بصفتها أسلوبَ تعبير في الشعر العربيّ الحديث، قد تطوّرت في الستّينيّات، متأثّرة بالشعر الغربيّ. فيها يُعبَّر عن تجربة حاليّة ومعاصرة من خلال شخصيّة منتمية إلى تراثٍ محدّد ومترسّخة في الذاكرة الجماعيّة. هكذا، يتماشى صوتان في القصيدة الشعريّة: صوت الشاعر وصوت الشخصيّة التاريخيّة والأسطوريّة. وأدونيس هو من أكثر الشعراء الذين اعتمدوا هذه البَينُصوصيّة في قصائده؛ فإنّ شخصيّات رمزيّة كالمسيح، والحسين، والحلّاج، وعبد الرحمن الداخل الملقَّب بصقر قريش، وغيرهم الكثير نجدهم في شعره. أمّا هذا المقال فيتطرّق إلى البُعد الشعريّ الخاصّ بالشخصيّة التاريخيّة صقر قريش في قصيدة “تحوّلات الصقر” المأخوذة من ديوانه كتاب التحوّلات.

مراجعة د. صبحي البستاني.

الشعر العربيّ المعاصر ومسؤوليّة التجديد اللغويّ

تهدف هذه الدراسة إلى إظهار أُسُس النظريّة الأدبيّة وارتباطها بالآثار النقديّة العربيّة الكلاسيكيّة، ولهذا قمنا بذِكر بعض العوامل التي تساعدنا في إجراء بحثنا: العامل الأوّل هو ميزة النقد العربيّ الذي يستند إلى أهميّة الخطاب اللغويّ العربيّ الاجتماعيّ والتاريخيّ، والثاني هو الحاجة الماسّة إلى التطبيق النظريّ في ما يخصّ الفكر العربيّ، من خلال مظاهر الانفتاح الثقافيّ التي سمحت بترجمة الجهود العلميّة في العالم أجمع، وخاصّةً ما يتعلّق بالثقافة اليونانيّة. وإنّ هذا كلّه قد شارك في وصف الإبداع اللغويّ العربيّ.

الكتاب في العربيّة من أيّام الجاهليّة

إنّ النصوص القرآنيّة هي نصوص متأخّرة عن نصوص الترجمات العربيّة لسفر الخروج المحفوظة في سيناء، وهي كذلك متأخّرة عن النصّ الذي استشهدَ به مكاريوس. والنتيجة أنّ سفر الخروج، وبالتالي التوراة، عُرفت ترجمتها العربيّة قبل الإسلام. وهذا دليل آخر على وجود الكتاب في العربيّة من أيّام الجاهليّة.

التوصيف القانونيّ والتاريخيّ والسياسيّ للملكيّة في لبنان الإمارة والمتصرّفيّة

في جبل لبنان، كلُّ تطوّرٍ زراعيّ كان يفرض تحديد القوانين الشفهيّة أو الكتابيّة الخاصّة بتملّك العقارات، إذ لا نجاحَ للتوطين والتطوّر الزراعيّ بغياب تحديدٍ ملائم لوضع الملك القانونيّ. ولكنّ هذا الوضع القانونيّ لم يكن معتمَدًا في مناطق الولايات القرويّة التي كانت تحت سيطرة السلطة العثمانيّة حيث مبدأ الملك لم يكن واردًا إلّا للمدينة، وحيث كانت العقارات خاضعة لملكيّة الأمير أو الدولة. من هنا تعبير “العقارات الأميريّة” للسكّان مع إمكانيّة الوالي أو الدولة سحب التكليف. وهكذا فإنّ جبل لبنان الخاضع لسُلطة الأمراء من السكّان الأصليّين، من 1516 إلى 1843 قد عرفَ أوضاع التملّك التالية: 1- الأراضي الملك، وتشمل التي داخل المدن والقرى فقط والأراضي الخراجيّة 2- الأملاك الموقوفة غير الصالحة للتفرّغ عنها، 3- الأملاك الأميريّة، وهي ملك الرقبة لصالح الدولة، 4- الأملاك البلديّة، المتروكة لاستعمال الجمهور، 5- الأرض الموات الممكن إدراجها في عمليّات التنمية.

دوقيّة ميلانو والسلطنة المملوكيّة إبّان القرنين الرابع عشر والخامس عشر

لقد أسّست عائلة فِسكونتي التي ملكت حتّى العام 1447 دوقيّةَ ميلانو رسميًّا في العام 1395. وكانت الدوقيّة تقع في وسط إيطاليا الشماليّة، وتطلّ على لومبارديا الشاملة ميلانو وبافيا.
في القرنَين الرابع عشر والخامس عشر، أُقيمت علاقاتٌ سياسيّة واقتصاديّة بين دوقيّة ميلانو والسلطنة المملوكيّة. وقد عكست دوقيّة ميلانو التمدّد الأوروبيّ في الشرق، ومحاولات كلّ دولة أوروبيّة المحافظة على مكانتها على الخارطة التجاريّة للبحر المتوسّط، مع أنّ دورها التجاريّ (دوقيّة ميلانو) مع السلطنة المملوكيّة كان ثانويًّا مقارنةً بدور المدن الأوروبيّة الرئيسيّة كالبندقيّة وفلورنسا وبرشلونة وجنوى.

القدّيس فرنسيس كَسافاريوس الرسول الهُمام الأمين (١)

لقد أثّرت حياة القدّيس فرنسيس كسافاريوس أشدّ التأثير في المؤلِّفة، حتّى إنّها قرّرت كتابة مقال بشأنه يتألّف من ثلاثة أقسام: في الأوّل قدّمت مجموعة من الشهادات التي تبرز أهمّ خصائصه، ثمّ تحدّثت عن ولادته وتقرّبه من الديانة المسيحيّة، وعن سفره إلى باريس حيث التحقَ بمعهد القدّيسة بربارة. من ثمّ أتت على ذكر تعرّفه إلى القدّيس إغناطيوس دي لويولا وتأثيره القويّ فيه، من حيث تعاليمه المسيحيّة ورياضاته الروحيّة الغنيّة. هذا بغضّ النظر عن المعلومات الأخرى الغزيرة التي تنتظر القارئ في هذا المقال، والتي ستؤثّر فيه أيضًا من دون شكّ.

إرادة الحبر الأعظم فرنسيس الرسوليّة «يسوع العطوف الرحوم»

إنّ إرادةَ البابا فرنسيس “يسوع العطوف الرحوم” تحاول شرحَ مضمون المقال “من تلقاء نفسه” وإثبات أهميّة إصلاح البابا المتعلّق بمعايير هذا الإصلاح وتدابيره إزاء طلبات إلغاء الزواج، وبطء المحاكم، واعتماد طريقة جديدة تُدعى تدبير “بريفيور”، بإعطاء الأسقف وحده حقّ حلّ المشاكل. وهذا المقال موضوع الدراسة قد سمح بالتحقّق من أسباب بطلان الزواج، وخاصّةً عدم الإيمان، والإجهاض العشوائيّ وسببه عيش علاقة خارج نطاق الزواج، والعنف الجسديّ، وغير ذلك. ويؤكّد المقال رغبة البابا في حلّ المشكلات والخلافات بين الأزواج في ضوء الرحمة والمسامحة.

Share This