شكّلت قضيّة العروبة في لبنان أزمة لأنّها طُرحت بشكل سلبيّ فيه تحدّ واتّهام الآخر، بدل أن تكون فرصة للتبادل والحوار والانفتاح والثقة. كما أحدثت خلافًا وتباينًا وجدلاً بين المسلمين والمسيحيين في لبنان نتيجة سوء الفهم والنظرة السلبية لمفهومها ولجذورها وأبعادها، والشكّ بالآخر المؤدّي إلى العنف والإلغاء، حتى تحوّلت أزمة طالت الوجود والهويّة.
رجع موراني بالموارنة إلى تاريخهم مُذكّرًا إياهم أنهم أصحاب رسالة في الشرق. ولهذه الرسالة وظيفة هي تحرّكهم مع التاريخ، أي تحرّك في مجال الأفق العربي وفضائه. لقد أراد إخراج الذات المارونيّة واللبنانيّة من حالة الانكفاء إلى حالة الانفتاح والتفاعل الوجوديّ. وهذا الانتقال إلى الذاتيّة العربيّة يحتاج برأيه إلى الفكر النقديّ. فهو يؤمن بأنّ عروبة لبنان هي عروبة نقدية وديناميكيّة. والعروبة النقديّة لا تعني نقد أو انتقاد الدول العربيّة أو ثقافاتها، إنما هي في وجودها تتضمن التفكير. كما أنّ موراني اختار مفهوم الوظائفيّ للعروبة، حيث اعتقد أنّ عروبة الشعب العربيّ مُختلفة من شعب إلى آخر ومن دولة إلى أخرى. فنحن واحد في العروبة، ولكن لكلّ واحد مهمّة يقوم بها ووظيفة تتطابق مع طبيعته ووعيه. فالعربيّ هو واحد ومُختلف.
إنّ التوجّه نحو العالم العربي بكل صدق الحرية والحقيقة والأخوّة هو وحده ما يُحقّقنا كلّنا جميعًا. وعلى هذا الأساس يرتفع مستوى عالمنا العربيّ ولا تعود العروبة قدرًا، بالنسبة للبنان، بل حريّة داخليّة ورسالة. فعروبة المُسلم هي في مستوى المُعطى التاريخيّ، أما عروبة المسيحي فهي عروبة الرّضى والاختيار. ومع ذلك يقرّ موراني بأنّ وظيفة الهويّة حاليًا هي الفضاء العربيّ. يَستنهض موراني الهمّة المارونيّة للإقبال على التّحدي الحضاريّ الأخطر أي مواجهة العروبة. فهل استطاع موراني نقل الموارنة معه إلى هذا الفضاء-التّحدي فكريًا وتاريخيًا وعلميًا وعمليًا؟

