الحبُّ… مساحة أمان وتقدير
ط.1، 128 ص. بيروت: دار المشرق، 2025
ISBN: 978-2-7214-5678-6
«الحبُّ هو أروع وأنبل شعور يمكن أن يسكن قلبنا، وأجمل كلمة ترنُّ بعمق في وجدان كلِّ إنسان…» (ص. 7). بهذه الجملة، يفتتح المؤلِّف مقدِّمة كتابه، وحيث «نتطلَّع إلى هذه المساحة من الحياة التي تحقِّق أملنا في الحبِّ، وما يعنيه من شعور بالأمان والتَّقدير» (ص. 7).
اعتمد المؤلِّف، الأب نادر ميشيل، في بحثه الأنثروبولوجيِّ هذا، على الإصغاء إلى النَّاس محاولًا فهم ما يعبِّرون عنه وما يعيشونه، فيبدأ، في الفصل الأوَّل، «بتوضيح معنى الأمان والتَّقدير» (ص. 11-12)، متطرِّقًا إلى «مكانة الكلمة» (ص. 16-17) في حياة البشر، ومعنى وجودهم حيث يعيش الإنسان في «جسد مجنَّس»، تشدُّه الرَّغبة نحو الآخر. هنا، يتوقَّف المؤلِّف أمام واقع الإنسان البشريِّ الباحث عن اللَّذَّة والمُعاني من الألم، متلمِّسًا معنى الحياة الحقيقيَّ. «وفي هذا كلِّه نسمع صوت الله الَّذي يتكلَّم في قلبنا ومن داخل واقعنا الإنسانيّ، ويعلِّمنا طريق الحبِّ الحقيقيِّ» (ص. 9).
ثمَّ يورد المؤلِّف «شروط الأمان والتَّقدير في أيِّ علاقة» (ص. 17-19).
في الفصل الثَّاني من الكتاب (ص. 41-67)، وعنوانه «مظاهر عيش الأمان والتَّقدير»، يعرض المؤلِّف بحث الإنسان عن الحبِّ والأمان والتَّقدير في واقع حياته، وطريقة عيشه الرَّغبة ومظاهرها الصَّحيحة وغير الصَّحيحة. وهو، في الاتِّجاهات الأخيرة، يُشير إلى «الانغلاق على الذَّات، والتَّسلُّط والبحث عن القوَّة، والتَّلاعب بالمشاعر، والنِّفاق والتَّملُّق»، حيث إنَّ الإنسان مدعوٌّ دومًا إلى مراجعة ذاته ليعي في أيِّ اتِّجاهٍ تمضي حياته.
في الفصل الثَّالث (ص. 69-88) يقترح علينا الأب ميشيل فتح الإنجيل، والاقتداء بيسوع المسيح في بحثه عن الأمان والتَّقدير، وقد وهبَهما للنَّاس الَّذين يحيطون به. فبالنِّسبة إليه، «إنَّ قراءة الإنجيل توضح وتعمِّق» البحث الأنثروبولوجيَّ عن الحبّ.
في الفصل الرَّابع (ص. 89-107) دعوة إلى أن نستمرَّ في اتِّباع يسوع «فنلتقي معه» أشخاصًا مثل نيقوديمس، مرتا ومريم ولعازر، والمرأة السَّامريَّة. لقد التقاهم يسوع ودخل معهم في حوار انطلاقًا من واقع حياتهم، وسار معهم نحو طريق النُّور والحياة، ما يجعلنا نقتدي به في حبِّه التَّقيِّ والعميق للآخر الَّذي كان يلتقي به.
وفي النِّهاية، يقول المؤلِّف بضرورة التَّأمُّل بيسوع «نبع الحبِّ والأمان والتَّقدير» وهذا ما يشير إليه عنوان الكتاب الَّذي يستمدُّ معناه من التَّأمُّل بيسوع.
إنَّ الهدف الَّذي سعى إليه الأب ميشيل في بحثه المتوغِّل عميقًا في كينونة الإنسان، هو الإفادة الَّتي سيعود بها الكتاب على القُرَّاء سواء كانوا من الشَّبيبة، وهم في سعيٍ دائم إلى فهم معنى الحبِّ، أو من المتزوِّجين ومَن يستعدُّون للزَّواج، أو الرُّهبان والرَّاهبات في مراحل تكريس حياتهم لمجد الرَّبِّ، أو كلِّ شخص يبغي أن يعي نداء الحياة الحقيقيَّة، من أجل أن يغرِفوا جميعًا من معنى الحبِّ الحقيقيِّ من يسوع المسيح، نبع الحبِّ والمحبَّة.
ويوضح صاحب الكتاب أنَّ القارئ لن يجد إجابات جاهزة، بل على القارئ أن يستنير بالكلمات الَّتي تُغنيه من خلال قراءة الإنجيل، كلمة الحياة، وهي «كلمة مترسِّخة في الله » (ص. 16)، فيستمدُّ منه معنى حياته وتوجُّهاته.
في نهاية كلِّ فصل من الفصول الأربعة، يطرح المؤلِّف بعض الأسئلة الَّتي تساعد القارئ على «مراجعة ذاته»، كما يعرض بعض النُّصوص الكتابيَّة الَّتي تغذِّي صلاته وتأمُّله.
كلُّ فصول الكتاب تتنفَّس مساحة من التَّواصل والمحبَّة تساعد الإنسان في مساره نحو عيش الحياة الَّتي دعا إليها الرَّبُّ يسوع بهديٍ من نور كلمة الله الَّتي تبدِّد الظُّلمات، وتُزيح غمامة اليأس من قلب الإنسان.
الدُّكتورة بيتسا استيفانو: حائزة شهادة دكتوراه في العلوم الدِّينيّة، وإجازة في الآداب العربيَّة ودبلوم في علم النَّفس من جامعة القدِّيس يوسف في بيروت. أستاذة محاضرة في معهد الآداب الشَّرقيّة في الجامعة، ومسؤولة عن الأبحاث في مكتبة العلوم الإنسانيَّة فيها. أستاذة محاضرة في الجامعة الدُّومينيكيَّة – باريس. ولها العديد من المقالات المنشورة باللُّغتيَن العربيَّة والفرنسيَّة.