أديان

مشروع « الأخوّة الإنسانيّ »  يوتوبيا لمسيحيّي الشّرق أم ديستوبيا؟

مشروع « الأخوّة الإنسانيّ » يوتوبيا لمسيحيّي الشّرق أم ديستوبيا؟

اللاّهوت السّياسيّ في الكنيسة المارونيّة

علامَ يعوّل مسيحيّو الشّرق في مسألة بقائهم؟ وهل من ضمانات تساعدهم على الاستمرار بالرّغم من الأزمة العصيبة والتّحدّيات الكثيرة الّتي يواجهونها؟

يمكن أن يبقى المسيحيّون منغلقين على أنفسهم، غير مبالين بما يحدث حولهم من تغيرُّات جوهريّة في بنية المجتمع المحلّيّ والعالميّ. ويمكنهم انتظار الخلاص من خلال “معجزة” تأتيهم من الخارج، من علُ. وريثما يأتي الحدث الخارق، يعيشون غرباء عن واقعهم بألمٍ وحسرة، أو في اشتياقٍ إلى ماضٍ كانوا فيه روّادًا وصنّاع حضارة. ولكنّهم، بين الحنين إلى ماضٍ ولّى وترقّب زمنٍ “مسيحانيّ” يحرّرهم من واقعهم التّعِس، يفقدون فرصة المساهمة الفاعلة في الوقت الحاضر.

ويمكنهم، بالمقابل، عدم نسيان الماضي، الّذي سطّر المسيحيّون فيه صفحاتٍ بِيضًا في تاريخ أوطانهم، وانتظار مستقبلٍ آخر يبدأ صنعه منذ الآن، هم فيه مشاركون مؤثّرون وروّادٌ حقيقيّون. فالرّجاء الّذي فيهم (1 بط 3: 15) يجعلهم قادرين على القيام بذلك. فيغدون، إذّاك، مساهمين في صناعة الحضارة من خلال نشر ثقافة “الأخوّة الإنسانيّة”. بهذا يعيدون اكتشاف عمق معنى وجودهم الّذي ليس وليد المصادفة، بل هو تدبيرٌ إلهيّ (را. يو 15: 16: لم تختاروني أنتم، بل أنا اخترتُكم وأقمتُكم لتثمروا ويزداد ثمَرُكم) ودعوة متأصّلة في كونهم مسيحيّين، أي ملح هذا العالم ونوره وخميرته (را. متى 5: 13-14؛ 13: 33).

لن نتناول في هذا المقال إشكاليّة أزمة مسيحيّي الشّرق الوجوديّة، ولن نتناول بالتّحليل المفصّل التّحدّيات الحقيقيّة الّتي  يواجهونها، فهناك العديد من الأبحاث والمقالات والمؤتمرات الّتي أَكبَّت على توصيف كلّ ذلك. سوف نتناول إمكانيّة رهان المسيحيّين على مشروع “الأخوّة الإنسانيّة” انطلاقًا من إيمانهم. هل هو رهانٌ ممكن (يوتوبيا)، أم يستحيل تحقيقه (ديستوبيا)؟

كلمات مفتاحيّة: يوتوبيا، ديستوبيا، إيديولوجيا، الأخوّة الإنسانيّة، هندسة السّلام

Le projet de la « fraternité humaine » est-il une utopie pour les chrétiens d’Orient ou une dystopie?

P. Firas Loutfi

Sur quelles raisons les chrétiens du Moyen-Orient fondent-ils leur présence? Quelles sont les raisons qui les font persévérer malgré les nombreuses crises et défis qui existent?

Les chrétiens peuvent se replier sur eux-mêmes, sans s’intéresser aux changements fondamentaux qui affectent la société régionale et internationale. Ils peuvent attendre le salut d’un “miracle” qui vient de là-haut. Et, en attendant cet événement extraordinaire, ils vivent des intentions hors de leur contexte, entre nostalgie d’un passé glorieux et avenir «messianique».

D’un autre côté, ils peuvent chérir le passé et, en attendant l’avenir, ils peuvent aider à le construire dès maintenant. Ils possèdent déjà «l’Espérance» (1 Pt 3,15). Ce n’est qu’ainsi qu’ils deviennent des bâtisseurs de civilisation et répandent la «fraternité humaine». On redécouvre ainsi le sens profond de leur présence en Orient, non par coïncidence mais par Providence divine (Jn 15, 16: «Ce n’est pas vous qui m’avez choisi, mais moi, je vous ai choisis, et je vous ai établis ainsi afin que vous portiez du fruit et que votre fruit demeure»). Être chrétien est une véritable vocation, c’est-à-dire être lumière, sel et levain (cf. Mt 5, 13-14; 13,33).

Cet article n’examine pas les multiples crises liées à la présence chrétienne au Moyen-Orient, il analyse les multiples crises auxquelles elles doivent faire face. Mais, discutons ici éventuellement du pari des Chrétiens sur le projet de la «fraternité humaine», à partir de leur foi. Ce pari est-il possible (utopie), ou impossible à réaliser (dystopie)?

Mots clés: Utopie, dystopie, fraternité humaine, idéologie, consolidation de la paix.

الأب فراس  لطفي الفرنسيسكانيّ:

مُجاز في الفلسفة واللّاهوت من الجامعة الحبريّة الأنطونيّة بروما. حائز شهادة ماجستير في اللّاهوت الكتابيّ من الجامعة الغريغوريّة بروما، ويحضّر أطروحة دكتوراه في جامعة القدّيس يوسف ببيروت. يشغل حاليًّا منصب رئاسة الآباء الفرنسيسكان في دمشق، وهو كاهن رعيّة “اهتداء القدّيس بولس” – باب توما. له العديد من التّرجمات الصّادرة عن دار المشرق.

[email protected]

 

تطوّر الدين والعرق والمجتمع في إيران القديمة

تطوّر الدين والعرق والمجتمع في إيران القديمة

تُعتبر الزرادشتيّة على الأرجح واحدة من أقدم الديانات في الشرق الأوسط، وهي تمارَس بشكل مستمرّ حتّى يومنا هذا. ومع ذلك، فقد شهدت تطوّرات مهمّة بين أصولها التوحيديّة منذ ثلاثة آلاف سنة، وكانت طقوسها الأكثر حداثة تتمحور على النار. تهدف المقالة هذه إلى دراسة تطوّر الزرادشتيّة وفهم دورها في مجتمع إيران القديمة. ويغطّي التحليل هذا التفاعلات القائمة بين الفرق الاجتماعيّة المختلفة في المنطقة طوال فترة ما قبل الإسلام بالإضافة إلى تأثيرها في تطوّر الزرادشتيّة ووضعها كونها دين الدولة في ذلك الوقت.

على عَتَبة الكَنيس. محاولة في فهم اليهوديّة واليهود

على عَتَبة الكَنيس. محاولة في فهم اليهوديّة واليهود

إنّ تعبير “اليهوديّة” تعبيرٌ صعب اللفظ في المجتمع العربيّ. ومع ذلك، فإنّ مصيره مرتبط بأحد مفاهيم التاريخ منذ المراجع البيبليّة إلى المشكلات المعاصرة. فالتجارب العنيفة والتراجيديّة مثل الفتوحات والنفي والشتات هزّت تاريخ الشعب اليهوديّ الذي، وقد تشتّت في أصقاع العالم، لا يكفّ عن استنباط الأمل من كلام الأنبياء وبعدَه كلام الأحبار. وقد أدّت اليهوديّة دور الوسيط بين الديانات القائلة بتعدّد الآلهة وتلك القائلة بإلهٍ واحد، وهي تتوجّه أساسًا نحو الفعل، وتحقيق إرادة إله إسرائيل، والإيمان بمجيء المسيح. والإيمان اليهوديّ ينبع من الكتاب المقدّس، حيث تؤلّف التوراة، وقد أُعلِنت لموسى، الجوهرَ الأبديّ، وتحدّد قوانين الحياة والطقوس، ولكن أيضًا التلمود أي التوراة الشفهيّة.

منازل التكفير في الثقافة العربيّة الإسلاميّة

منازل التكفير في الثقافة العربيّة الإسلاميّة

إنّ ثقافات الديانات الموحِّدة تنقلُ، بحماس، مفهوم “الكفر”. والاتّهام بالتكفير الموجّه إلى الآخر الذي يتميّز بإيمانه ومجتمعه أو انتمائه السياسيّ، يمثّل حجر الزاوية في النزاعات الراهنة على ساحة الدول الإسلاميّة. وينتج من التفاعل الضيّق بين الدينيّ والسياسيّ، ومن تفسيرٍ للآيات القرآنيّة يغذّي الشجارات والجِدالات. ومنازلُ التكفير تختلف بحسب الطوائف والتيّارات والمجتمعات. أمّا تحدّي الفكر العربيّ-الإسلاميّ فهو تقليم أساليب السلوك المنحدرة من هذا الاتّهام وما تتضمّنه من عُنفٍ وحقد ومن ثقافة التعصُّب والموت.

Share This