نقد أدبيّ
دراسة المستوى النّحويّ في مجموعة «لن» لأنسي الحاج
نتناول في هذا البحث دراسة الشّاعر أنسي الحاج[1]، الّذي يُعتبر وجهًا بارزًا أسهم في التّنظير للشّعر العربيّ المعاصر، من خلال مواقفه النّقديّة وآرائه التّجديديّة الّتي أسّس بها لماهيّة الشّعر. ونلمس ذلك في مجموعته الشّعريّة الأولى «لن» الّتي صدرت بطبعتها الأولى عن دار مجلّة شعر في العام 1960، وأثارت جدلًا واسعًا في العالم العربيّ، وشكّلت فاصلًا في تاريخ الشّعر الحرّ. فأُنسي الحاج، ومن خلال مقدّمة هذه المجموعة، ينظّر لقصيدة النّثر ويطرح تصوّراته الشّعريّة المغايرة لما هو سائد، حيث جاءت أفكاره تحمل الكثير من قيم الثّورة والتّمرّد على كلّ الثّوابت. من هنا يؤكّد ضرورة إيجاد لغة جديدة مناسبة تكون في مستوى طموحات عصره الّذي يعيش فيه.
ولمّا كانت دراسة المستويات اللّغويّة ودلالة المفردات ضمن حقول دراسة اللّغة، خصوصًا في الشّعر، إذ أصبح مجالًا مهمًّا في الدّراسات اللّغويّة الّتي تكشف عن جماليّات النّصّ الشّعريّ بتحليله وفكّ رموزه، فإنّ عمليّة تحليل هذه المستويات والبحث عن دلالات القصيدة تمثّل خير وسيلة للنّقّاد تعينهم على إيضاح قيمة النّصّ الشّعريّ.
كلمات مفتاحيّة: الجملة الاسميّة، الجملة الفعليّة، الحذف، قصيدة النّثر، اللّغة، النّحو.
“Lan” de Ounsi EL HAJJ: Étude grammaticale
Nous traitons dans cette recherche le sujet du poète Ounsi El HAJJ, l’homme connu dans le domaine des recherches poétiques arabes modernes, à travers ses situations critiques et ses avis innovateurs qui ont établi la quiddité du poème. Nous constatons cela dans son premier recueil «Lan», publié pour la première fois en 1960, qui a évoqué un grand débat dans le monde arabe, et fut considéré comme ligne de démarcation dans l’histoire du poème arabe moderne. Dans la préface de ce recueil, Ounsi El HAJJ parle du poème en prose et pose ses conceptions poétiques différentes de ce qui est connu, contenant les valeurs de la révolte et de l’insoumission à toutes les idées fixes. Il affirme qu’il est nécessaire de trouver une nouvelle langue convenable, à la hauteur des ambitions de son siècle. v
Et comme l’étude des niveaux linguistiques et la signification du vocabulaire, surtout dans le poème qui est devenu un domaine très important dans les études linguistiques, révélant l’esthétique du texte poétique en l’étudiant et le déchiffrant, le fait d’analyser ces niveaux et la recherche des significations du poème forment un moyen efficace aux critiques littéraires afin de mettre au point la valeur du texte poétique. v
Mots clés: Phrase nominale, phrase verbale, l’élimination, le poème en prose, la langue, la grammaire. v
الدّكتورة دورين نصر : حائزة شهادة دكتوراه في اللّغة العربيّة وآدابها من معهد الآداب الشّرقيّة-جامعة القدّيس يوسف، بعنوان: «الوطن في تحوّلاته عبر القصيدة مضمونًا وبناء عند الشّعراء الثّلاثة: الشّاعر القرويّ وخليل حاوي ومحمّد الماغوط». تدرّس في الجامعة اليسوعيّة مادّة تحليل النّصوص. وهي عضو في تحرير المعجم التّاريخيّ للّغة العربيّة في الشّارقة. لها العديد من الأبحاث المنشورة، ومنها: شربل داغر: قصيدتي، معهم، وبلساني (2020)، وإصدارات شعريّة، وقراءات نقديّة عدّة.
تجلّيات التّفاعل الثّقافيّ في الأدب المهجريّ (إيليّا أبو ماضي أنموذجًا)
يعاين هذا البحث العلاقات الثّقافيّة الّتي حكمت الأدب المهجريّ، ويحدّد عوامل التّأثّر والتّأثير الثّقافيّ في نصوصه، وذلك من خلال دراسة قصائد الشّاعر إيليّا أبي ماضي أنموذجًا، حيث يُبيّن أهمّ الأفكار الّتي تضمّنتها هذه القصائد، ويحدّد الإطار الثّقافيّ والمعرفيّ الّذي اقتبس منه الشّاعر هذه الأفكار. ويركّز البحث على البيئتين المشرقيّة المسيحيّة – الإسلاميّة لثقافة الشّاعر فضلًا عن عوامل البيئة المهجريّة في الولايات المتّحدة الأميركيّة، ذات الثّقافة الغربيّة، الّتي قضى فيها الأديب أبو ماضي معظم سِني حياته.
كلمات مفتاحيّة: الأدب المهجريّ – الثّقافة – التّأثّر والتّأثير – المثاقفة – التّلاقح الثّقافيّ – الشّرق – الغرب – المسيحيّة – الإسلام – القرآن – الإنجيل - القيم الإنسانيّة.
Les manifestations de l’interaction Culturelle dans la littérature de l’immigration
(Eliya Abou Madi en exemple)
Dr. Imad Ghannoum
Cet article traite le sujet des relations culturelles propres à la littérature de l’immigration, et précise les facteurs d’influence culturelle mutuelle dans les textes en question, et ce à travers l’étude des poèmes du poète Eliya Abou Madi en exemple, pour montrer les idées principales que contiennent ces poèmes, et préciser le cadre culturel duquel Abou Madi tira ces idées. L’article met l’accent sur les deux environnements oriental chrétien et musulman propres au milieu culturel du poète, ainsi que sur les facteurs de l’environnement aux Etats-Unis d’Amérique, aux traits occidentaux; c’est là où Eliya Abou Madi passa la majorité de ses jours.
Mots clés: littérature de l’immigration – culture – influence mutuelle – acculturation – métissage culturel – l’Orient – l’Occident – christianisme – Islam – le Coran – la Bible – les valeurs humaines.
الدّكتور عماد غنّوم: دكتوراه في اللّغة العربيّة وآدابها (الألسنيّة)، جامعة الرّوح القدس – الكسليك – 2013. محاضر في كلّيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة – الجامعة اللّبنانيّة. له أبحاث علميّة منشورة في كتب ودوريّات لبنانيّة وعربيّة، منها: «دور الصّورة في إنتاج الخطاب – الرّبيع العربيّ أنموذجًا – دراسة لغوية سيميائية»، و«تطوّر النّظريّة اللّغويّة من سوسير إلى جاكبسون»…
الالتزام في أدب جان توما، قراءة في كتابَي «يوميّات مدينة» و«وجوه بَحريّة»
يتناول هذا البحث الموجز الالتزامَ في أدب جان توما، متّخذًا من كتابَيه يوميّات مدينة ووجوه بَحريّة عيّنة للدّراسة. وإذ نحاول في هذه المقالة الإسهام بتعريف مفهوم الالتزام بشقّيه الاجتماعيّ والثّقافيّ فإنّنا لا ننوي التّطرّق إلى معتقدات سياسيّة معيّنة أو عقائديّة، وهو ما لم نلحظه عند الكاتب أساسًا. بل إنّ الهدف هو استجلاء ملامح الالتزام في أدب الكاتب، والمتناغم مع خلفيّته الثّقافيّة، وشخصيّته الملتزمة اجتماعيًّا وبيئيًّا مع محاولة تقصّي مدى توافق الالتزام الفكريّ والاجتماعيّ في أدبه مع الجماليّة المبثوثة بين السّطور.
لقد بحثت دراسات سابقة في صورة البحر في أدب جان توما، وتطرّق بعضها الآخر إلى شخصيّات «اليوميّات» وتماهيها مع المعالم والأمكنة، أو إلى التّوثيق الّذي استخدمه الكاتب مستعينًا، أحيانًا، بالتّخييل. أمّا ناحية الانتماء بمعناها الالتزاميّ الحرّ فلم تتناوله دراسة سابقة في أدب جان توما.
كلمات مفتاحيّة:
وجوه بحريّة: الميناء – الثّغر البحريّ – المرفأ – سقالة – بيوت عتيقة – زواريب – كنيسة – مسجد.
يوميّات مدينة: حارات اللّعب – الرّيح – القرميد – طيور السّنونو – مصابيح الشّوارع – البساتين.
La littérature engagée de Jean Touma ; étude de ses ouvrages
«يوميّات مدينة» et «وجوه بَحريّة»
Imane Raydan
Cet article traite la littérature engagée de Jean Touma, avec pour exemple ses deux ouvrages «يوميّات مدينة» et «وجوه بحريّة». Il est vrai qu’à travers cette recherche nous essayons de définir le concept de l’engagement social et culturel, mais nous ne voulons pas pour autant mentioner des croyances politiques ou dogmatiques, et c’est justement ce que nous avons remarqué chez l’auteur même. Notre but est plutôt d’élucider les traits de cet engagement, dans la littérature de Jean Touma, qui est en accord avec le bagage culturel de l’auteur ainsi qu’avec sa personnalité engagée au niveau social et environnemental, tout en essayant aussi d’examiner le degré de concordance entre l’engagement intellectuel et social et l’esthétique qui embellit ses textes. Certaines études antérieures ont traité l’image de la mer dans la littérature de Jean Touma, et d’autres les personnages des mémoires quotidiennes «يوميّات» et leur adaptation aux différents lieux. Quant au sujet de l’appartenance dans le sens de l’engagement libre dans la littérature de Touma, il n’a pas été traité auparavant.
Mots clés
وجوه بحريّة: port – ville maritime – charpente – maisons anciennes – ruelles – église – mosquée.
يوميّات مدينة: quartiers de récréation – vent – briques – hirondelles – lanternes des ruelles – jardins.
إيمان ريدان : سكرتيرة تحرير مجلّة المشرق الثّقافيّة. طالبة دكتوراه في اللّغة العربيّة وآدابها في معهد الآداب الشّرقيّة – جامعة القدّيس يوسف – الشّمال.
Liban : Contes du pays du jasmin
Georges T. Labaki
Liban: Contes du pays du jasmin
324 p. Liban: Imprimerie Byblos, 2019
(ISBN: 978-2-7214-1208-9)
«لبنان حنايا من بلاد الياسمين»، وضعه بالفرنسيّة البروفسور جورج لبكي. كتابٌ ينسحب على ستٍّ وثلاثين قصّة مستوحاة من الحياة في القرية اللّبنانيّة، جبلًا وساحلًا، كاشفًا حنايا روحانيّة تسكن المواطن اللّبنانيّ الّذي عاش على مرّ التّاريخ فترات ازدهار وفترات صعبة معًا، علّمته الحذر والمثابرة، ولكن أعطته في الوقت نفسه روح الصّلابة والضّيافة والفكاهة.
يحتوي الكتاب أنواعًا عدّة من القصص؛ منها ما يدور على البطولات والقِيم والتّقاليد والعادات، وأخرى مشحونة بوصف دقيق للشّخصيّات، فترانا نجد في حنايا الجبل الأبطالَ وأصحاب الرّوح الفكاهيّة، من دون إغفال المساومين والمتلاعبين بمشاعر النّاس.
إلى جانب القصص المأخوذة من واقع الحياة، قصص يحفل بعضها بخيال متوقّد وتشويق suspense ممّا جعل الوقائع، الّتي سردها الكاتب، متتابعة، متصاعدة وصولًا إلى الخاتمة.
أمّا لغة الكتاب فهي سلسة وجزلة معًا، يسهل فهمها، والاستمتاع بألفاظها وعباراتها وصورها السّخيّة، ممّا يتيح لها جواز مرور سهل إلى المثقّف، كما الطّالب في المدرسة أو الجامعة.
لقد أراد د. لبكي من خلال كتابه إحياءَ ذاكرة بلاد الياسمين والأرز، تلك الذّاكرة الّتي تختزن في طيّاتها الأساطير والحكايات والبطولات، وكذلك الأحزان والآلام والمعاناة.
وللياسمين حكاية طويلة مع أهل لبنان، فقد كان يزِّين ويُعطِّر بأريجه مداخل المنازل «والسّطيحات» الّتي كانت تستضيف الأهالي في ليالي الصّيف الحالمة تحت ضوء النّجوم والقمر، متسامرين، مستذكرين البطولات وأخبار أحبّة غابوا إذ تشردّوا في ديار الله الواسعة، بعد أن ضاقت فسحة العيش والأمل في مسقط رأسهم.
تحمل القصّة الأولى من الكتاب عنوان «أبو يوسف وحبّ الأرض». فيها سرد بطريقة مشوّقة، حيث تتصاعد الحركة في النّص رويدًا رويدًا. أبو يوسف، الجبليّ العتيق صاحب العضلات القويّة، والعامل في الأرض الّتي ورثها عن أجداده من دون كلل أو ملل، بحيث أنّه كان يَعطِفُ عليها عطفه على من يُحبّ. كان أبو يوسف صديقَ الخيوط الأولى لشمس الصّباح ، يغدو باكرًا ليستدرك الوقت قبل أن يفوته، فأراضيه واسعة تمتدّ من أعلى الجبل إلى أسفلِه، ولتثبيت الصّورة في الذّهن، تخيّلوا أنّ الثلج يُغطّي القمم، فيما ترتع الشّمس في أسفلها في عمق الوادي، حيث الأشجار والزّهور محميّة من الزّمهرير. ولكن سرعان ما لحقت الحياة الصّاخبة بالقرية، فشُقّت فيها الطّرقات وبيعت الأراضي من دون رحمة أو شفقة، وسويّت بالأرض. وامتدّت هذه الظّاهرة (الحضاريّة) بحيث وصلت إلى منزل أبو يوسف، كيف لا، وقد وقف أولادُه، بدعم من زوجته، ضدّ خاطره: لماذا الحفاظ على الأرض، فقد تغيّرت الأيّام، وأصبح المجتمع استهلاكيًّا، تحكمه ماديّة المدينة. لأوّل مرّة استسلم أبو يوسف، وبعد معاناة طويلة، بيعت الأرض، ولمّا لم يُطق فراقها لحقها بعد أسبوع واحد فقط، مفضّلًا الموت على الحياة من دون مَن أحبّ وخدم وربَّى.
تتوالى القصص المنسابة من بلاد الياسمين. تقع الحرب فجأة، جالبة ويلاتها وقسوتها، فتدمّر بيئة متجانسة، وتقضي على الطّبيعة، وما فيها من بشر وحجر. وتبدأ معاناة جديدة فيضطرّ أصحاب الأرض إلى تركها والهرب، في اللّيالي المظلمة والباردة، إلى حيث لا يدرون.
تُهجَر القرى من أهلها وقاطنيها من دون أمل بالعودة القريبة، ولكنّ إرادة الحياة والقدر وديناميّة التّاريخ ينتصرون مجدّدًا، فيعود الأهالي إلى أرضهم حيث الأمان والحياة، والبناء من جديد بإرادة وأمل، متشبّهين بسيزيف sysiphe صاحب الأسطورة الّذي ينزل إلى أسفل الجبل ليحمل صخرته ويصعد بها إلى القمّة، وعندما تصل الصّخرة إلى أعلى نقطة تتدحرج ثانية إلى الوادي، فينزل سيزيف من جديد ويحملها إلى فوق.
نعم، إنّ معاناة أهل بلاد الياسمين مكتوبة على جبينهم، ومتوارثة في جيناتهم وجينات وطنهم الّذي كان على الدّوام هدفًا للطّامعين والغزاة.
تكرّ مسبحة القصص، فإذا بمشهد يُصوّر سائق شاحنة، متوثّبِ الذّاكرة، يحفظ الآلاف من أبيات الزّجل، يلقيها على سامعيه بفرح وغبطة وإباء. فالزّجل في بلاد الياسمين يحاكي زمن البطولات والصّولات والجولات و«العنتريّات الشّعريّة»، والسّهر في ضوء النجوم، والحياة المنطلقة، والحبّ العُذريّ، والكرم والضّيافة… فلكلّ مناسبة عنده، قصيدة: الزّواج، الولادة، الوفاة، الانتقال إلى العيش تحت قناطر، حجارتُها معقودة من مقالع بلاده.
وفي مكان آخر، حكايةُ ولد فقير دفعته ظروف العيش الشّاقّة، واضطهاد الأغنياء له إلى الهجرة على درب طويل، كان يُدرك بدقّة خفاياه وتعرّجاته وصعوباته.
فإذا بهذا الشّاب يصبح على موعد مع الثّروة، ويعود ناقمًا غازيًا إلى بلاده، فيشتري كلّ أملاك الإمارة القديمة المتجذّرة في التّاريخ، ويطرح أسيادها خارجًا.
وعلى صفحات أخرى، نرى بعض المهاجرات، وقد وجدن وسيلة ذكيّة لجني ثروة كبيرة من خلال بيع «لقش» أشجار الصنوبر، بعد أن أقنعوا أهل البلاد بأنّها ذخائر وصلت من البلاد المقدّسة في الشّرق.
إذًا، كتاب لبنان، من حنايا بلاد الياسمين يتناول موضوع الانتماء والأصالة والحنين إلى الماضي الجميل لبلاد الياسمين في زمنٍ تداعت فيه هذه القيم، وتنكّر معظم سكان بلاد الياسمين لروحانيّة هذا الانتماء وهذه الأرض، مفضّلين الحياة في المدن، والهجرة والعيش في مجتمع استهلاكيّ. إنّ هذا الأمر لخطير جدًّا. فالتّنكّر للقيم les valeurs والأسس التي قامت عليها الأوطان يشكّل بداية الانحطاط la décadence الّتي تقضي على الأوطان والشّعوب.
لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الكتاب يندرج في إطار الأدب اللّبنانيّ النّاطق بالفرنسيّة الّذي يظهر مرونة وثباتًا في الإنتاج والعطاء. والأهمّ من ذلك، أنّ اللّغة الفرنسيّة جسّدت وتجسّد من خلال أسلوبها البديع الرّوحانيّة الّتي تسود بلاد الياسمين.
يقول الرّئيس غالب غانم في مقدّمة الكتاب: «إنّ كتاب لبنان من حنايا بلاد الياسمين هو أكبر من قصص. إنّه إعلان حبٍّ للأرض… إنّه أكثر من لُغة … بل إنّه اللّغة … إنّه، كما يقول رولان بارت Roland Barthes قيمة Valeur. وأنا أدعو القارئ الباحث عن الكنز Trésor في مجموعة القصص هذه، أن يستكشف الكنوز المخفيّة فيها، والّتي تفوق الظّاهرة منها».
جدليّة الحياة والموت في ديوان «همس الجفون» لميخائيل نعيمه
يتناول هذا البحث جدليّة الحياة والموت في ديوان همس الجفون الذي هو الأثر الشّعريّ الوحيد لميخائيل نعيمه. نُظمت قصائد همس الجفون بين عام ١٩١٧ وعام ١٩٣٠، أيْ حين كان نعيمه في المهجر الأميركيّ.
بين الولادة والموت، ثمّة فسحةٌ من الزّمن يعيشها الإنسان تُدعى حياة، وقد عبّر نعيمه عن موقفه من الولادة والحياة والموت في نتاجه الأدبيّ الغزير نثرًا وشعرًا. يسعى هذا البحث إلى الإضاءة على موقف نعيمه الباكر تجاه جدليّة الموت والحياة من خلال نتاجه الشّعريّ، بما يحمله من ملامح الغربة عن الذّات والحنين إليها، ومن خلال دراسة الثّنائيّات في الوجود وتأثيرها في نفس الشّاعر، وصولًا إلى العبور بالذّات إلى الضّفّة الأخرى التي ندعوها موتًا.
أن يتغرّب الإنسان يعني أن يهجر مسكنه الأصليّ، والمهاجر عادةً لا يتعب من الشّوق والتّوق إلى العودة للمسكن الذي منه وإليه. أمّا في همس الجفون فالغربة التي نتكلّم عليها هي غربة الذّات الصّغرى عن الذّات الكليّة، وتوقها إلى الرّجوع إليها. في رحلة العودة، ثمّة ثنائيّات تسبّب صراعًا في النّفس البشريّة يؤدّي إلى قلق روحيّ وألم في النّفس؛ والأمل ضئيل بالوصول إلى حالٍ من السّلام والأمان، ولكنّ صراع الثّنائيّات في همس الجفون اتّخذ دربًا آخر، إذْ تصالحت الثّنائيّات بعضها مع بعض وتآلفت بانسجام تامّ. هذا الانسجام والتّآلف سهّلا للشّاعر العبور من ضفّة الولادة إلى ضفّة الموت. هكذا يصبح الموت نقيض الولادة وليس نقيضًا للحياة التي لا نقيض لها.
ويضيء هذا البحث القصير على موقف نعيمه الباكر من الحياة بتدفّقها وحيويّتها، ومن الموت بجموده وسكونه. أمّا النّتائج التي توصّل إليها فربطتها الباحثة بالفكرة الأساسيّة التي رافقت شخصيّات نعيمه الأساسيّة في أدبه الذي بدت ملامحه امتدادًا لقصيدة «النّهر المتجمّد»، باكورة كتاباته في روسيّا.
الكلمات المفتاحيّة: الحياة، الموت، الذّات، الثّنائيّات، الغربة، العبور.
La dialectique de la vie et de la mort dans le recueil de Mikhail Naimy «Hams al-joufoun»
Cette étude traite la dialectique de la vie et de la mort dans le recueil de Mikhail Naimy Hams al-joufoun, l’unique ouvrage poétique de notre grand auteur. Ces poèmes ont été rédigés entre l’an 1917 et l’an 1930, à l’époque où Naimy était aux Etats-Unis d’Amérique. m
Le but de l’article consite à montrer le point de vue précoce de Naimy envers la dialectique de la vie et de la mort, à travers son œuvre poétique, une œuvre qui présente des traits d’éloignement (exil) de soi et de forte nostalgie, comme à travers l’étude des dualismes de l’existence et leur influence sur l’esprit du poète, jusqu’à atteindre l’autre bord qui est la mort. m
S’exiler signifie normalement quitter son domicile d’origine; l’être exilé ne se lasse pas, d’habitude, de vouloir y retourner. Et sur le chemin du retour, certains dualismes causent une lutte au fond de l’esprit, et donc une anxiété et douleur morale; il y a là peu de chance d’accéder à un état de paix et de sécurité. Mais dans le recueil de Naimy, la lutte des dualismes adopte une route différente; ces dualismes sont en accord et en harmonie entre eux. Ceci facilita au poète le passage entre la naissance et la mort. De ce fait, la mort devient l’opposé de la naissance et non pas de la vie qui, elle-même, n’a pas d’opposé. m
Cet article reflète aussi le point de vue précoce de Naimy envers la vie dans toute sa générosité et son exubérance, comme envers la mort, son inertie et son silence. Quant aux conclusions qu’il tira de son expérience, l’auteure de l’article les lia à l’idée principale qui accompagna les héros et autres personnalités des œuvres de Naimy dont les traits semblent être une continuité du poème «al-nahr al-mutağammid», prémice de ses œuvres poétiques écrites en Russie. m
Mots clefs: la vie, la mort, le soi, les dualismes, l’exil, le passage. m
د. زكيّه نعيمه : باحثة في اللّغة العربيّة وآدابها والفكر المعاصر، حائزة على دكتوراه في اللّغة العربيّة وآدابها من معهد الآداب الشّرقيّة، جامعة القدّيس يوسف ببيروت. أمينة سرّ «النّادي اللّبنانيّ للكتاب»، وأمينة سرّ «جائزة الرّواية العربيّة» في وزارة الثّقافة اللّبنانيّة. حائزة على شهادة Mittlestuffe II باللّغة الألمانيّة من معهد غوته ببيروت. من منشوراتها : كتاب المرأة في فكر ميخائيل نعيمه، دار المشرق، ٢٠١٧.
قراءات تطبيقيّة في الشعريّة
ما بحثي التطبيقيّ هذا إلاّ تتمّة لبحثين آخرين سبقاه في هذا المجال ونُشرا في مجلّة المشرق تحت عنواني:”وجهات الشعريّة، محاولات في قراءتها من زوايا مختلفة ” و” شعريّة الصمت” ، وقد صدرا في الجزءَين الأوّل والثاني للسنة 94. وفي هذا المبحث التحليليّ أتناول الشعريّة من وجهات تطبيقيّة إضافيّة ، فأكشف عن شعريّة ألم الغربة والتهجير من خلال مقطع من قصيدة ” أبد الصبّار؟ ” لمحمود درويش، ثمّ شعريّة الغموض من خلال قصيدة ” مرض” لأدونيس، فشعريّة التشويق المتدرّج من خلال قصيدة ” انطرها تا تمرق” بالعاميّة لموريس عوّاد، إلى شعريّة التوليد اللغويّ في الأداء النثريّ الإبداعيّ لشوقي أبي شقرا في مقدّمته لكتاب “صحافيّة في ثياب الميدان” ، فشعريّة التلوين التركيبيّ من خلال قصيدة ” الهوى والشباب ” للأخطل الصغير ، وأخير شعريّة التكرار المتناثر من خلال قصيدة ” مدرسة الحزن” لنزار قبّاني .
الخطاب الشعريّ وسيميائيّته في ديوان «الأيّام ليست لنودّعَها» للشاعر عبده وازن
تعترض الباحث مشكلات متعدّدة، لاسيّما لدى شروعه في تحديد مفاهيم ذات دراية دقيقة، نذكر منها تغيّر مفهوم الشّعر والقصيدة التي تحمل انبثاقات جديدة في تعبيرها عن معاناة الشّاعر الذّاتيّة. وإذ يسأل جاكبسون (JACKOBSON): “ما هو الشّعر؟”، يدرك تغيّر مضمونه على مرّ العصور. ومع ذلك، لم يفته أن يعبّر عن موقفه إزاء تحديد جامد للشّعر، فـ “لا توجد أسوار صينيّة بين الشّعر والحياة، وبين الشّعر والمرجع، وبين الشّعر والمبدع، وبين الشّعر والمتلقّي، وبين الشّعر وباقي الفنون… كلّ ذلك يخترق الرّسالة الشّعريّة ويتقاطع داخلها”.
وتجدر الإشارة إلى أنّ الشّعر الحديث الذي ظهر في خمسينيّات القرن العشرين قد غيّر أبنية الشّعر العموديّ، باعتباره تمرّدًا ورفضًا للأشكال والطّرق الشّعريّة القديمة، فاعتمد تفعيلة مفردة وقوافيَ مختلفة متحرّرة من القيود. وقد اعتمدنا هذا المصطلح، “الشّعر الحديث”، لنتاج الشّاعر عبده وازن، كونه انتهك الشّعر والنّثر في مؤلّفاته، ليرسم أشكالًا جديدة، ويحدث هزّة عميقة للمفاهيم المتداولة عن الشّعر ومقارباتها الإنسانيّة والفكريّة المباشرة. فهل ينتظم شعره ضمن شعر الحداثة أو تخطّاه إلى شعر ما بعد الحداثة الاختلافيّ؟ وكيف تجلّت الشّعريّة في قصائده، لاسيّما أنّ الكاتب يمارس حرّيّته أكثر من القصيدة التّقليديّة؟
هذا ما سنسعى إلى معالجته في هذا البحث من خلال دراسة الخطاب الشّعريّ وسيميائيّته في ديوان وازن: “الأيّام ليست لنودّعها”. وتكمن أهمّيّة الموضوع في ناحيتين:
-تقديم الشّاعر كتابة شعريّة مغايرة عن شعراء زمنه.
-عدم توافر دراسات أكاديميّة كافية تناولت إبداعاته.
وقد بنينا الدّراسة على مبحثين: يتناول المبحث الأوّل نظرة مختصرة في نظريّات اللّسانيّة البنيويّة وفي نظريّات السّيميائيّة.
أمّا المبحث الثّاني فيتناول دراسة الشّكل الطّباعيّ في قصيدتَي “لأنّكِ في الحبّ” و”رؤية”، والمستويين الإيقاعيّ والدّلاليّ في القصيدة الأولى، والمستويين الإيقاعيّ والأسلوبيّ في القصيدة الثّانية.
واتّبعنا منهج السّيميائيّة الشّعريّة، وهو نهج الخطاب الشّعريّ الذي بدأ مع جاكبسون، وطوّره غريماس (GREIMAS) ، فاستفاد من اللّسانيّات البنيويّة، ولاسيّما مفهوم الوظيفة الجماليّة التي أطلق عليها جاكبسون تسمية المهيمنة (La dominante).
شعريّة الصمت
الشعريّة في المكتوب هي الإبداع والتأثير والانحراف الأسلوبيّ والخلق والمفاجأة و” توقّع اللامتوقّع في الصورة أو المفردة أو القافية ، حيث تبديل كلمة واحدة في البيت من مكانها المألوف إلى مكان قبل أو بعد يخلق لها لمعة أبرع أو موسيقى أجمل وتنقلها من السرد العاديّ إلى اللقطة الإبداعيّة”، والشعريّة هي” أن يبني الشاعر قصيدته في تصاعد متتالٍ حتّى يبلغ قمّة في بيت، ثمّ يعود فيبني من جديد إلى قمّة أخرى”.
إنّ شعريّة الصمت هي كلّ هذه الأمور ولكنّها تأتي متولّدة من سكون مدوٍّ، ولا أقصد بهذا السكون السكتة التي تلي الجملة لترك المجال لإدراك معانيها الخاصّة الواردة فيها. إنّ معاني الصمت تتكوّن من حالات صامتة تلي أصواتًا، وتلي عبارات وجملاً. بمعنى أنّ الشعر الكبير هو هبوط إلى أسفل لجمع مكوّنات قمّة تأثيريّة جماليّة والصعود بها إلى علُ.
“إنّ جوهر الشعر لا تحدّده الكلمات، ولا المعايير النقديّة، ولا المقاييس الأكاديميّة، بل تحدّده حالة يخلقها الشاعر في قصيدته، تنتقل منها إلى القارئ وتنقله إلى حالة خاصّة من التواصل مع حالة القصيدة وحالة الشاعر معًا”. وهذه الحالة عينها ، التي يخلقها الشاعر في قصيدته، ممكن أن تكون ابنة الصمت المؤثّر الذي ينقل المتلقّي إلى عالم آخر آسر ساحر، وفي هذا الموقع أيضًا يكون الصمت شعريًّا.
نشوء الحداثة ومتناقضاتها اليوم وتغيير الذهن العربيّ
الإنسان هو الموضوع الأوّل والأخير، وكلّ تجربة لا يتوسّطها الإنسان هي تجربة سخيفة .
المجتمع العربيّ المعاصر تائهٌ بين الأخذ بأسباب الحداثة والرجوع إلى التراث؛ إذ يجد الإنسان العربيّ نفسه حائرًا بينهما. فالتراث، من قيمٍ ومُثل وأعراف ولغة ودين وأدب..، لم يتدخّل الإنسان العربيّ المعاصر في بنائه، ولم يستشر في اختياره. لذلك، فالتراث يفرض نفسه من دون حريّة اختيار من قِبل أفراد لا يعاصروننا ويعبّرون من خلاله عن قيم عصرهم .لم يستثمر الإنسان العربيّ المعاصر أيضا في الحداثة وتوجّهاتها العامّة؛ بل هي مفروضة عليه كذلك من قِبَل آخرين يعاصرونه (الغرب المختلف قيمًا وتمثّلات متعدّدة) من العلمانيَّة في الدِّين، والديموقراطية في الحكم، والرأسماليَّة في الاقتصاد، والتقنيَّة في العلم، ومن الجماعة إلى الفرد والثورة الصناعية والتقنية في العلم، والنزعة الإنسانية التي ترجع للإنسان حقه في الوجود، وقدرته على تسخير الطبيعة وبناء المؤسَّسات . فالحداثة قطار لا يشاور أحدًا في الانطلاق والاستمرار، ويفرض على الأفراد ركوبه سواء أمؤهّلين كانوا أم عاجزين . يمسي الإنسان العربيّ اليوم رهنًا بين أمرين لم يخترهما. لذلك، فإنَّ الصراع القيميّ والثقافيّ الذي يعيشه الوجدان والفكر مردّه إلى صراع دائر بين تراث لم نشيَّده وحداثة لم نبنها.
الكتابة الصحافيّة بين الأدب والمجتمع – كتاب ” الرحّالة ” لسامي كليب أنموذجًا
يأتي اهتمام الدراسات والأبحاث العلميّة والأكاديميّة بموضوع الكتابة الصحافيّة وبتأثيراتها الاجتماعيّة في سياق طبيعيّ، بسبب الارتباط العضويّ بين المجتمع والإعلام. كما أنّ العلاقة بين الأدب والصحافة قد تبدو ملتبسة، ففي الوقت الذي يرى بعضهم أنّ الصحافة تحدّ من طاقة الأديب وتضع أمامه قيودًا ليبقى موضوعيًّا وبعيدًا من نسج ذاته، يرى آخرون أنّ الأمر يغني تجربته ويضيف مساحات تعبيريّة غير محدودة. فيدرس هذا البحث تأثير المجتمع في الكتابة الصحافيَّة باعتباره مادّتها وهدفها، كما يدرس دور الصحافة في بلورة صورة المجتمع، وفي قدرتها على التغيير المجتمعيّ، وذلك في محاولة لإيجاد منصّة حوار بين الشعوب. نقل كتاب الرحّالة للإعلامي سامي كليب أخبارًا، وعكس وقائع حياة الناس في بلدان زارها لدواعٍ صحافيّة، وصوّر تقاليد شعوب وثقافاتها، من مشارق الأرض ومغاربها، بلغة تراوحت بين الإبلاغيّة حينًا والإبداعيّة أحيانًا؛ لذا كان مادّة الدراسة.
أسلوبيّة التبئير في رواية «عزازيل» ليوسف زيدان
تتكوّن بنية الخطاب السرديّة من تضافر ثلاثة مكوّنات هي: الراوي، والمرويّ، والمرويّ له. فـ “الراوي” هو الشخص الّذي يروي الحكاية أو يُخبر عنها، ويرتبط الراوي بالمرويّ من خلال رؤية تؤطّر عمليّة الحكي، فهذه الرؤية تسمّى في علم السرد بالتبئير. هذا البحث يعكف على معرفة مفهوم التبئير وتجلّياته في السرد الروائيّ عبر رواية “عزازيل” للروائيّ المصريّ يوسف زيدان، ويتقصّى أنواعه وتفاعله مع سائر المكوّنات السرديّة ودوره في البناء السرديّ وعلاقته بأدوار الرواة ومواقعه وخصائصه في هذه الرواية. ولقد اخترنا رواية “عزازيل” لمكانتها المرموقة في خارطة السرد العربيّ وتحقيقها شروط هذا الجنس الأدبيّ الفنيّة العالية. تعدّد الأصوات فيها جعلها روايةً بوليفونيّة. وقد توصّلنا من خلال بحثنا عبر المنهج الوصفيّ التحليليّ إلى أنّها اشتملت على أنواع التبئير (الصفر، الداخليّ والخارجيّ) وخاصّة الداخليّ الثابت، لأنّ السارد في هذه الرواية مشارك وهو الشخصيّة الرئيسة فيها، يصف ويسرد فيها هواجسه وخلجاته، لذا اقتضت في معظمها هذا النوع من التبئير وكان الأنسب للرواية.
مظاهر التأثّر بالنموذج المشرقيّ في قصيدة المديح الأندلسيّة - ابن درّاج القسطليّ أنموذجًا –
تَهدف هذه الدراسة الموسومة ب: “مظاهر التأثّر بالنموذج المشرقيّ في قصيدة المديح الأندلسيّة -ابن دراج القسطلي أنموذجًا-“، إلى إبراز الأثر المشرقيّ في قصيدة المديح الأندلسيّة، من خلال تجربة فريدة من نوعها لشاعر فذّ، جسّد ظاهرة التماثل في شعره ،من خلال تأثّره بفطاحل شعراء المشرق العربيّ، ويندَرج هذا البحث ضمن اهتمامنا بتحليل الخطاب الشعريّ الأندلسيّ بمناهج حديثة، ومتنوّعة.
وقد قامت الدراسة على تقسيم الموضوع إلى ما يأتي :
-استهلال
-مظاهر التأثّر بالنموذج المشرقيّ من خلال تجربة ابن درّاج القسطلي.
-خاتمة
.
النزعة الإنسانيّة والحداثة اللغويّة في شعر محمود درويش
من المسلَّم به أنّ شِعر محمود درويش طبعَ تطوّر الشعر العربيّ. وإنّ بعض النقّاد ينسبون شهرتَه إلى القضيّة الفلسطينيّة التي كان يدافع عنها. إلّا أنّ قيمة شعره الجماليّة بعيدة عن أن تكونَ مقتصَرة على تاريخ الأحداث أو على ظروفٍ اجتماعيّة- سياسيّة. وطوال مسيرته، كان على الدوام يبحث عن بلاغةٍ جديدة. كان يسعى لإثبات أنّه يتصدّرُ كلَّ شاعر، باستقلالٍ عن القضيّة الفلسطينيّة. وهكذا، من بين الخصائص التي ميّزت شِعرَه، هناك الإنسانيّة والابتكار في كتابة الشعر.
العنوان بين الأدب والرسم – قراءة في العنوان ووظيفته (كتاب “لوحات إن حكت – قراءات في لوحات القراءة” لجوزف لبُّس أنموذجًا)
تقدّم هذه القراءة دراسة تحليليّة سيميائيّة لعتبات كتاب لوحات إن حكت – قراءات في لوحات القراءة لجوزف لبُّس. وتتضمّن هذه العتبات كلّ ما يُحيط بالنصّ من غلاف وعنوان وإهداء ومقدّمة وصولًا إلى العناوين الداخليّة، لتبيّن هذه الدراسة علاقة هذه العناصر بعضها ببعض أوّلًا، ثمّ علاقتها بالنصّ ثانيًا، وعلاقة الأدب بالرسم ثالثًا، ولتخرج بمحصّلة مَفادُها أنّ عتبات لوحات إن حكت ألّفت مدخلًا لدراسة النصّ، وأثبتت مقولة أنّ المكتوب يُقرأ من عنوانه، أو أنّ أخبار الدار على باب الدار.
الشخصيّات في السرد: دراسة نظريّة
تنتمي هذه الدراسة إلى الدراسات الخياليّة التي عولِجت بواسطة عمليّات النقد التقليديّة والحديثة. وهي تنقسم إلى خمسة أقسام تتطرّق إلى الشخصيّات وأدوارها، بحسب عدّة نقّاد، كما بحسب البُعد الجسديّ والبعد الاجتماعيّ والبعد النفسيّ. كما تجعلنا هذه الدراسة نكتشف صلةً متينة بين عدّة أبعاد تبيّن أنّها على علاقة قويّة فيما بينها.
الحركة والسكون منهج نقديّ أدبيّ مُستنبَط من التراث الثقافيّ العربيّ
تبحث هذه الدراسة في قضايا النقد الأدبيّ، وتفتح بابًا جديدًا في المناهج النقديّة الأدبيّة؛ فلأوّل مرّة في تاريخ الدراسات النقديّة تُقدَّم نظريّة نقديّة أدبيّة تعكس المنهج الحضاريّ العربيّ، وقد وجدنا أنّ جماليّات النصّ الأدبيّ العربيّ تكمن في محاكاة المفردات الحضاريّة العربيّة، وبعد البحث والتمحيص وجدنا أنّ أساس المرتكزات الحضاريّة العربيّة يقوم على البدو (الحراك الدائم) والحضر (الاستقرار الدائم)، والإنسان العربيّ يعيشُ في حياته الحراكَ الدائم بحثًا عن الكلأ والماء، وعندما يجدهما يستقرّ ويثبت، وتاليًا فإنّ نسبة الحراك أكثر بكثير من نسبة الثبات والاستقرار. وهكذا وجدنا هذه المرتكزات الحضاريّة قد انعكست على اللغة العربيّة المرتكزة على الحركة والسكون، وأصبح النصّ الأدبيّ العربيّ يحمل في طيّته قيم الحركة والسكون، ولهذا وجبَ على النقد الأدبيّ أن يبحث في تناسب الحركة والسكون في النصّ كي يظهر مقوّمات الجمال في هذا النصّ، فكلّما تناسبت الحركة مع السكون كان النصّ أقرب إلى الأدبيّة، وقولنا تناسُب الحركة مع السكون في النصّ لا يعني التساوي بينهما.
هكذا وصلنا في ختام دراستنا هذه إلى أنّ الحركة والسكون هما الأساس الأفضل في مقاربة النصوص الأدبيّة العربيّة، لأنّ هذا الأساس هو انعكاس طبيعيّ للحضارة العربيّة القائمة على الحراك والاستقرار.