حضارة
ديانة من ماء. المطر في الديانة الكَنعانيّة
ينطلق هذا البحث من مبدأين: الديانة بنت بيئتها في تكوينها الجيولوجيّ وواقعها الجغرافيّ، لأنّها استجابة لحاجتها الروحيّة العميقة وتطلّعاتها الماورائيّة؛ وتجلّي الماء في الديانات الوضعيّة والأديان السماويّة على حدّ سواء.
خرج الكنعانيّون من الجزيرة العربيّة مع موجات من الهجرات الساميّة الموسميّة طلبًا للماء والكلأ، وسكنوا بلاد كنعان (فلسطين وسوريا ولبنان)، وكانت شجرة آلهتهم مائيّة (يم- إيل- عشيرة- عشتروت- بعل- عَناة- أدون- ملقارت- موت- طيفون…)، واعتمدت طقوسهم الدينيّة على الماء، فتطهّروا به، ونقلوه إلى موتاهم، وتحاشَوا استعمالَ الأخشاب في صناعة توابيتهم، وبنَوا معابدَهم في أحواض الينابيع… وتجسّد الصراع الموسميّ بين الخصب والجفاف، والحياة والموت في أساطيرهم (أسطورة أدونيس وعشتروت)، وتجسّد في ملاحمهم (ملحمة بعل وعَناة) الصراع الكونيّ بين إله المطر والنظام (بعل) وإله المياه المتمرّدة والفوضى (يم)، وبين الأوّل وإله العالم السفليّ والأرض المَوات (موت). وقد أثّرت هذه الديانة المائيّة في الميثولوجيا اليونانيّة، وفي اليهوديّة والمسيحيّة.
المآزق اللبنانيّة في إنتاج إدمون رزق المقاليّ والخطابيّ
المآزق اللبنانيّة في إنتاج إدمون رزق المقاليّ والخطابيّ
إنّ الخطابات والمقالات التي كتبها إدمون رزق بين 1962 و1994 تُظهر الأحداث الأساسيّة التي عاشها لبنان طوال العقود الثلاثة هذه، وتطرح أهمّ المشكلات التي سبّبت الجدالات بين اللبنانيّين، وقد أدّت في أغلب الأحيان إلى حروب متتابعة. إلّا أنّ إدمون رزق لم يكتفِ بطرح هذه السجالات بل عرّف بها وحدّد أساساتها، مقترحًا بعض الحلول. لذا فإنّ مؤلّفاته يمكن أن يُعتبَر طريقًا لحلّ عدّة إشكاليّات يتخبّط بها لبنان منذ سنين طويلة حتّى اليوم. وهذا المقال يحتوي أربعة أقسام تعالج تفاصيل المسألة المطروحة، نترك للقارئ متعة اكتشافها.
المطر والأرجوان أو الدِّين والفنّ في الحضارة الكَنعانيّة
المطر والأرجوان أو الدِّين والفنّ في الحضارة الكَنعانيّة
إنّ هذا المقال يهدف إلى تأكيد ثلاثة أمور جوهريّة:
١. تبعيّة الفنّ الكنعانيّ للدِّين الكنعانيّ، فالدِّين أوّل، والفنّ في المحلّ الثاني؛ إنبثق منه وعبّر عنه ودلّ عليه.
٢. سعي الفنّ الكنعانيّ الفينيقيّ ليناسب المبدأ التجاريّ القائم على العرض والطلب، ويلبّي حاجات الأمم التي كان يبيعها منتوجاته، ويوائم الحياةَ اليوميّة، ويكون في خدمة الجمال والزينة.
٣. تأثير الدِّين الكنعانيّ في اليهوديّة شرقًا، وفي الديانة اليونانيّة القديمة غربًا؛ وليس أدلّ على هذَين التأثيرَين من لاحقة “إيل” التي أضيفت إلى أواخر عشرات الكلمات الواردة في الكتاب المقدّس، وشجرة الآلهة الكنعانيّة التي غالبًا ما نجد ما يقابلها في الميثولوجيا اليونانيّة حيث تأنسُن الإله وتألُّه الإنسان.