أدب

التّطوّر الدّلاليّ لصورة « العذراء الملاذ » في ديوان المطران جرمانوس فرحات

التّطوّر الدّلاليّ لصورة « العذراء الملاذ » في ديوان المطران جرمانوس فرحات

اللاّهوت السّياسيّ في الكنيسة المارونيّة

إنّ اللّغة، بألفاظها وتراكيبها، متحرّرة ولا تخضع للجمود. وكلّ تشكيل جديد يولّد معنى جديدًا، كما أنّ المعاني الـمُرادة تفرض تشكيلات جديدة على المستوى اللّغويّ. ويعدّ ديوان المطران جرمانوس فرحات رائعةً من روائع المصنّفات الشّعريّة في الأدب العربيّ. واللّافت أنّه تكاد لا تخلو قصيدة من قصائده إلّا وكتب في ختامها بعض الأبيات عن العذراء مريم؛ لذلك، وبمنهج استقرائيّ وصفيّ لهذه الأبيات الشّعريّة، أظهرت هذه الدّراسة التّطوّر الدّلاليّ فيما يختصّ بصورة «العذراء الملاذ»، مع ما يرتبط بها من الألفاظ الآتية: الملجأ، الحصن، والحِمى، على مستوى السّمات، والصّورة الشّعريّة. وإنّ هذه الألفاظ تحمل في ذاتها وسماتها دلالات متنوّعة تطوّرت بشكل لافت، وتماهت مع صورة العذراء مريم، كأمّ اﷲ وأمّ أبناء اﷲ، فلا يشعر القارئ بفارق، عند ذِكر هذه الألفاظ، بينها وبين السّيّدة العذراء، فقد لبست شخصيّة العذراء ودورها الأموميّ في حياة الإنسان.

كلمات مفتاحيّة: ديوان المطران جرمانوس فرحات، التّطوّر الدّلاليّ، العذراء، الملاذ، الملجأ، الحصن، الحِمى، السّمات الدّلاليّة، الصّور الشعريّة، النّعت المختصّ.

Le développement sémantique de l’image «La Vierge sanctuaire» dans la collection des poèmes de l’évêque Germanos Farhat

Dr. Daniel Chedid

Le langage, avec ses énoncés et ses structures, est libérateur et non soumis à la stagnation. Chaque nouvelle formation engendre un nouveau sens, de même, les significations correspondantes imposent de nouvelles formations au niveau linguistique. La collection des poèmes de l’évêque Germanos Farhat est considérée comme un chef-d’œuvre fabuleux de la littérature arabe. Il est à noter que presque tous ses poèmes contiennent des vers concernant la Vierge Marie. Ainsi, par une approche inductive et descriptive de ces vers poétiques, cette étude a donc démontré une évolution sémantique de l’image de la «Vierge sanctuaire», avec les mots suivants qui lui sont associés: refuge, forteresse, et protection, au niveau des traits et l’image poétique. Ces expressions, qui sont elles-mêmes marquées par des connotations très différentes se sont fortement développées et correspondent à l’image de la Vierge Marie, comme mère de Dieu ou mère des enfants de Dieu. Donc, le lecteur ne ressent aucune différence entre ces termes qui ont mis en valeur le caractère et le rôle maternel de la Vierge dans la vie humaine, et la Vierge.

Mots clés: La collection des poèmes de l’évêque Germanos Farhat, développement sémantique, la Vierge, le sanctuaire, le refuge, la forteresse, la protection, les traits sémantiques, les images poétiques, l’épithète spécifique.

الخوري  الدّكتور دانيال شديد :

حائز شهادة الدّكتوراه في اللّغة العربية وآدابها، وشهادة الماجستير في الإدارة المدرسيّة من جامعة القدّيس يوسف في بيروت. ناظر في ثانويّة مار أنطونيوس للرّاهبات الأنطونيّات – الخالديّة، زغرتا. من مؤلّفاته: صورة يسوع المسيح والعذراء مريم في ديوان المطران جرمانوس فرحات. ودراسة عن تأثير تنشيط الاستراحات المدرسيّة في تطوير قدرة التّأقلم مع الحياة المدرسيّة.

           [email protected]

Le Liban ou l’irréductible distance

Le Liban ou l’irréductible distance

اللاّهوت السّياسيّ في الكنيسة المارونيّة

Frank Darwiche

Le Liban ou l’irréductible distance

135 p. Redlands, CA: Elyssar Press, 2020
(ISBN: 978-1-7334529-5-3)

 

«شي مش قليل أن يكون المرء لبنانيًّا». مقولة تحمل في طيّاتها الكثير عن بلادٍ، شكلّ الحرّيّة والحلم والخيال والطّموح أبرز حناياها منذ البدء، ومنذ أن كانت الكلّمة وكان النّور .وما عنوان الكتاب «لبنان أو البُعد غير القابل للاختزال» إلّا خير دليل على ذلك.

حاول المؤلِّف تأطير أفكاره الفلسفيّة والشّعريّة والأدبيّة والعاطفيّة والوجوديّة للولوج إلى كينونة وطنه، مستكشفًا طريقه بين جبال لبنان السّاحِرة، ووديانه العميقة، ومدنه العابرة، وقُراه المعلّقة بين الأرض والسّماء. والدّلالة على ذلك، ظاهر النّصّ الّذي لا ينتمي إلى نوعٍ أدبيّ معيّن، وقد امتزج فيه الشّعر والأسلوب القصصيّ والفلسفة والرّومانسيّة والتّاريخ وحتّى الجغرافيا. بيدَ أنّ هذا الأسلوب الـمُـشتّت ظاهريًّا يُؤشّر إلى حيرة الكاتب أمام وطنٍ لا ينام ولا يرتاح، بل يعيش منذ فجر التّاريخ مع التّحدّيات والمخاطر والمحن الّتي تأتيه من كلّ حدبٍ وصوب، بدءًا من محيطه القريب، وصولًا إلى أقاصي الكون.

يحاول الكاتب سبر أغوار وطنِه الأمّ المترسِّخة في التّاريخ، مع كلّ ما يذخر به من بطولات وتناقضات وحتّى انقسامات، كما ورد في مقدّمة الكتاب، والّتي تحمل عنوان «الانقسام منذ البدء» أو L’origine divisée [1]. فالتّاريخ يصنِّف الشّعوب على قاعدة مدى مساهمتها في بناء الحضارة الإنسانيّة أو هدمها.

وهكذا ينطلق الكاتب في رحلته الطّويلة من مدينة طرابلس، حيث يتوقّف طويلًا، صعودًا إلى منطقة الكورة بصحبة بطله سجعان ذي الاسم الفينيقيّ الأصل، كما يقول، والّذي يبحث عن حبيبة لا يدركها، ويبدو أنّه لا يعرف عنها الكثير، كما يوحي ظاهر النّصّ.

ماذا لو كانت هذه الحبيبة تمثّل علاقة الحبّ الخياليّة الّتي تربط الكاتب بوطنه المنزلق بين يديه، ولا يستطيع الإحاطة بكلّ معانيه وحناياه، فلا يدرك تمامًا خفاياه وتعقيداته الغائصة في التّاريخ، على صورة تلك الحبيبة الغامضة الّتي لا يعرف عنها الكثير؟

حاول الكاتب البحث عن هذا الحبّ الدّفين. فقادته مسيرته الطّويلة إلى كلّ أرجاء الوطن من الشّمال الخالد بأرزه، مرورًا بوسط البلاد قلب لبنان، وصولًا إلى الجنوب بلاد البشارة والزّيتون والعطور.

توقّف صاحب الكتاب في رحلته عند محطّات عديدة تناول فيها العلاقات الاجتماعيّة والتّاريخ، ودخل في حوارات مع العديد من الأشخاص الّذين استوقفوه طويلًا، مرحّبين به أطيب ترحيب، ومتبادلين معه المواضيع كافّة، تلك الّتي تدور عن الوطن وعاداته وتقاليده.

إنّ هذه الرحلة الطّويلة غنيّة بمعانيها ورمزيّتها. فالانطلاق نحو الآخر في رحلة الألف ميل يحمل في طيّاته البحث عن جوهر الأمور، وسرّ الوجود، وعن الوطن وصيرورته الماضية والحاضرة والمستقبليّة، إذ إنّ الانطلاق نحو البعيد يحرّر الإنسان من هموم الحياة الّتي تقيّده، فيصبح قادرًا على الاستماع وفهم جوهر الأمور. وهنا يحضر أمامنا «كنديد» Candide بطل القصّة الّتي تحمل نفس الاسم، وقد كتبها الفيلسوف العظيم ڤولتير Voltaire، وحاول فيها البطل استكشاف أسرار ومعاني الوجود من خلال رحلتِهِ حول العالم. ولكن هل وصلت مسيرة الكاتب إلى نهاية الطّريق أم تدور على نفسها وتعود إلى نقطة الانطلاق؟

تسلّح الكاتب في سيرته بالتّاريخ والعقل والمنطق، متدخّلًا مباشرةً في النّصّ من خلال الهوامش الّتي سرد فيها معلومات تاريخيّة مفصّلة عن المناطق الّتي مرّ فيها، وهذا خفّف من شاعريّة النّصّ ومن جمال السّرد، لأنّه عزّز الجانب التّاريخيّ على حساب الجانب الأدبيّ.

يشير هذا المنحى في الكتابة إلى أنّ الكاتب يريد أن يُعلِم القارئ بأنّه وطنيّ مخلص، ويعرف تاريخ بلاده وعاداتها وتقاليدها، محاولًا العبور من المنظور المادّيّ إلى اللّامنظور، ولكنّ الواقع الجغرافيّ شيء، وما وراءه شيءٌ آخر.

لا شكّ في أنّ الطّبيعة اللّبنانيّة الخلّابة تذخر بالرّموز والمعاني والقداسة والبطولة، لأنّ كلّ حبّة تراب فيها تشهد على صراع شعب، جابه القدر وتغلّب عليه. فمنظر البحر مثلًا ينقل الكاتب إلى المحيطات الّتي وصل إليها يومًا الفينيقيّون، هذا الشّعب الأسطورة الّذي اقتحم المجهول، ونقل الحضارة والأبجديّة إلى العالم، كما يقول الكاتب:

“Sur le vaste horizon des gens bleus de Sajân la mer posait ses rides, se calmait, un “calme d’huile” comme on dit au pays du Mont Blanc. Les choses se dessinaient sur la pupille, essayaient de s’immiscer dans son horizon, mais elles se trouvaient repoussées constamment par les images de l’histoire: Sidon, Europe, puis le lointain: le tour de l’Afrique et ses côtes puniques… autour des paradigmes du commerce, père et mère du mot, et de la guerre inévitable”.[2]

أمّا الجبل فهو رمز الشّموخ والرّأس المرفوعة والحرّيّة والصّمود. وقد تحصّن وراءه اللّبنانيّون منذ القدم، مدافعين عن حريّتهم الّتي أبَوا أن يعيشوا يومًا من دونها. وهذا الأمر، جعل لبنان واحة خضراء عطرة ومعطاءة في محيطٍ تميّز بشظفه وقساوته وقلّة سعة صدره. وقد دفع اللّبنانيّون ثمن هذه الحرّيّة على مدى العصور وحتّى هذه اللّحظة. هذا الواقع زاد من إباء الكاتب، ولكن طرح عليه إشكاليّات جديدة باطنُها عدم الاستقرار، والخوف من المستقبل، كما يحدث اليوم، وعدم الثّقة باستمرار الأعجوبة اللّبنانيّة الّتي لا يمكن اختزالها.

فيما يشكّل السّهل بمسطّحاته، الّتي تجاور الأفق البعيد، الانفتاح على المشرق بكلّ تعقيداته وازدواجيّته وكثبانه الرّمليّة الملتهبة.

تصارعت كلّ هذه المتناقضات في ذهن الكاتب، فولّدت شلّالًا فكريًّا من الفرح والعنفوان والألم والفراق، والبحث عن الجذور، عبر تاريخٍ صاخب لم يعرف الهدوء والسّكينة يومًا. كيف لا والشّعوب الّتي لا تاريخ لها تعيش على هامش الحضارة في غيبوبةٍ مملّة. وقد عبّر الكاتب عن هذا الصّراع من خلال استعمال كلمات ترمز إلى الجروح العميقة والألم والخوف من المستقبل، والعودة مجدّدًا إلى الحياة في وطنٍ لا يمكن اختزاله، على غرار أرزه الخالد.

“Sur le blanc céleste, il porte la blessure du départ marin et le portail d’un temple hostile. Il dissout la colère dans la vacuité humide où ses racines, dans un réel insoumis, Ecoutent le devenir.

Il supporte le Nom d’une patrie qu’il dissout dans les premières nuits d’été.

Pour décerner aux côtes

Leurs traits et leurs visages[3].

في الواقع، إنّ العلاقة بين الإنسان والوطن علاقة حبّ متبادل، كما يقول إرنست رينان Ėrnest Renan، يتداخل فيها الواقع والأسطورة والخيال، ليشكّل مدماكًا صلبًا، يتحصّن خلفه المواطن، ويدافع عنه حتّى الرّمق الأخير من حياته.

إنّ ثقافة المؤلّف الواسعة جعلته يُدرك أنّ كلّ محطّة من محطّات رحلته زاخرة بالبطولات والمآسي والعظمة والكفاح والمجد. لقد تناول الكاتب في كتابه موضوعات تتناول الانتماء والعلاقة بالوطن ومآسي الماضي وصراع البقاء، وقد سبقه إليها الكثير من الكتّاب اللّبنانيّين. نذكر على سبيل المثال الشّاعر اللبنانيّ هكتور خلاط الّذي يعبّر في شعره عن المشاعر نفسها.

“Que dira le courant double qui me gouverne,

Ce qui fait mon délice ensemble et mon tourment

Mon âme est un musée étrange et composite.

Riche des souvenirs, des siècles traversés

Chaque sentiment et chaque pensée…

Je les dois à cette union passée”[4].

جاهَر الكاتب بحبّه العميق لوطنه الأمّ، ووفائه لتاريخه العظيم. وقد حاول أمام المحنة الوجوديّة الّتي تهدّد وجوده وكيانه أن يستشرف هذا الماضي من خلال الشّعر والقصص وأدب الرّحلة والتّاريخ. إنّها مقاربة فريدة originale من ناحية الشّكل والمضمون غير المألوفَين، يبدّ أنّه كان من الأفضل أن يبقى الكاتب في سرده مُستلهمًا الأسطورة والخيال والجمال من دون الاستشهاد بمعلومات تاريخيّة جامدة، لا تتناسب مع سرديّة تضجّ بالشّعر والخيال والحلم أمام وطنٍ فريد، ملأ الدّنيا ولم يقعدها، وهو أمام المحن كطائر الفينيق يتلاشى، ثمّ يعود ويُبعث حيًّا من الرّماد.

 

[1]   Frank Darwiche, Le Liban ou irréductible distance (CA, Redlonds: Elyssar Press, 2020), 7.

[2]   Darwiche, Le Liban ou irréductible distance, 23.

[3]   Darwiche, ibid, 55.

[4]   Hector Klat, Le cèdre et le lys (Beyrouth: Editions de la Revue phénicienne, 1935), 10, 12.

الدّكتور جورج لبكي : رئيس مجلس إدارة المعهد الوطنيّ للإدارة. حائز دكتوراه في القانون من السّوربون، ودكتوراه في الأدب الفرنسيّ المعاصر من جامعة باريس (XII الثّانية عشرة). من مؤلّفاته باللّغة الفرنسيّة: أنثولوجيا. الأدب اللبنانيّ باللّغة الفرنسيّة. ولبنان: قصص من حنايا بلاد الياسمين.

[email protected]

تقنيّة القناع في قصيدة «تحوّلات الصّقر» لأدونيس

إنّ التقنيّة الشعريّة “تقنيّة القناع”، بصفتها أسلوبَ تعبير في الشعر العربيّ الحديث، قد تطوّرت في الستّينيّات، متأثّرة بالشعر الغربيّ. فيها يُعبَّر عن تجربة حاليّة ومعاصرة من خلال شخصيّة منتمية إلى تراثٍ محدّد ومترسّخة في الذاكرة الجماعيّة. هكذا، يتماشى صوتان في القصيدة الشعريّة: صوت الشاعر وصوت الشخصيّة التاريخيّة والأسطوريّة. وأدونيس هو من أكثر الشعراء الذين اعتمدوا هذه البَينُصوصيّة في قصائده؛ فإنّ شخصيّات رمزيّة كالمسيح، والحسين، والحلّاج، وعبد الرحمن الداخل الملقَّب بصقر قريش، وغيرهم الكثير نجدهم في شعره. أمّا هذا المقال فيتطرّق إلى البُعد الشعريّ الخاصّ بالشخصيّة التاريخيّة صقر قريش في قصيدة “تحوّلات الصقر” المأخوذة من ديوانه كتاب التحوّلات.

مراجعة د. صبحي البستاني.

الشعر العربيّ المعاصر ومسؤوليّة التجديد اللغويّ

تهدف هذه الدراسة إلى إظهار أُسُس النظريّة الأدبيّة وارتباطها بالآثار النقديّة العربيّة الكلاسيكيّة، ولهذا قمنا بذِكر بعض العوامل التي تساعدنا في إجراء بحثنا: العامل الأوّل هو ميزة النقد العربيّ الذي يستند إلى أهميّة الخطاب اللغويّ العربيّ الاجتماعيّ والتاريخيّ، والثاني هو الحاجة الماسّة إلى التطبيق النظريّ في ما يخصّ الفكر العربيّ، من خلال مظاهر الانفتاح الثقافيّ التي سمحت بترجمة الجهود العلميّة في العالم أجمع، وخاصّةً ما يتعلّق بالثقافة اليونانيّة. وإنّ هذا كلّه قد شارك في وصف الإبداع اللغويّ العربيّ.

عن التنظير الأدبيّ في التراث العربيّ الإسلاميّ

عن التنظير الأدبيّ في التراث العربيّ الإسلاميّ

يهدف هذا المقال إلى تبيان أصل التنظير الأدبيّ عند اليونان ومتابعة تطوّره في تراثنا النقديّ البلاغيّ. لذا، من المهمّ إدراك الأهمّية التي كان النصّ يكتسبها من حيث الدراسة النقديّة العربيّة، وإدراك أنّ الفكر العربيّ كان بحاجة ماسّة إلى الانفتاح على الثقافات الأخرى وخاصّةً الثقافة اليونانيّة.

خصائص الأسلوب في سورة الحاقّة

خصائص الأسلوب في سورة الحاقّة

تتناول هذه الدراسة سورة الحاقّة، وفق المنهج الأسلوبيّ الذي يتّخذ بمستوياته المختلفة في الدرس اللسانيّ الحديث (الصوتيّ والنحويّ والبيانيّ والدلاليّ)، إضافةً إلى الجوانب النفسيّة، وسيلةً في تحليل النصّ الأدبيّ، ويكشف عن بنيته العميقة كشفًا ذروة سنامه الوصول إلى دراسة السورة التطبيقيّة. وبدأت هذه الدراسة بتقديم تعريفٍ عامّ بالسورة، وبيانٍ لمفهوم الأسلوبيّة، ثمّ تناولت المستويات اللغويّة في السورة بدءًا بالمستوى الصوتيّ بما يتمثّل فيه من دور بيانيّ وإيحائيّ لجرس الأصوات. ثمّ تطرّقت الدراسة إلى المستويَين الصرفيّ والنحويّ بمعالجة صِيَغ الأسماء الأكثر بروزًا وما اختصّت به السورة من تراكيب وظواهر نحويّة. ثمّ تناولت المستوى البيانيّ متمثّلًا بالتصوير الفنّيّ وتناسُقه.

“أراك تقدّر النساء ولا تبخسهنّ حقّهنّ”: المرأة في مقامات أحمد فارس الشدياق

“أراك تقدّر النساء ولا تبخسهنّ حقّهنّ”: المرأة في مقامات أحمد فارس الشدياق

هذا البحث دراسة لصورة المرأة في مقامات أحمد فارس الشدياق في كتاب الساق على الساق في ما هو الفارياق، مع مقارنتها بصورة المرأة في كتاب الساق على الساق ككلّ. وبذلك يبرهن المؤلّف أن في مقامات الساق عصارةَ آراء الشدياق الاجتماعيّة خاصّةً في ما يتعلّق بالنساء وطباعهنّ والمطالبة بحقوقهنّ. وخلاصة آرائه هي أنّ تثقيف المرأة وتحريرها اجتماعيًّا هو ما سوف يطوّرها ويُخرجُها من قوقعة النظرة الماديّة إلى الدنيا وإلى الرجُل..

مقاماتُ الهمذانيّ مسرحٌ بلا خشبة

من الواضح أنّ المقامات كانت موضوع عددً كبير جدًّا من الدراسات. ولكنّ هذا المقال يؤلّفُ مقاربة جديدة على صلة بالفنّ المسرحيّ. ويهدف إلى إبراز قيمة الوحدات في مقامات الهمذانيّ ومن بينها وحدات المسرح الثلاث. كما أنّه يعالج مظاهر دراميّة أخرى تنسب إلى الأسلوب النثريّ هذا طابعًا مسرحيًّا له تأثيره القويّ في مَن يستمتع به.

ساعات رمليّة وألماس في تقريظ الأنا القارئة

ساعات رمليّة وألماس في تقريظ الأنا القارئة

عندما كان طفلاً، كان متحمّسًا جدًّا للقراءة، إذ كان يجد فيها نورًا ووسيلة للهروب… لقد تعلّم في وقت مبكّر جدًّا أن الكتاب هو مفتاح الحلم، والإضاءة على الوحدة، والمصالحة مع العالم المرئيّ… ومنذ ذلك الحين، لم تتعب هذه الروح قطّ، ولم تخبُ هذه الحساسية يومًا… لقد جعل من القراءة تعليمًا وحياةً، ومن لياليه كتابًا عظيمًا يفتح فيه كل نجم صفحة جديدة أمامه… قرأ كما يحبّ أن يقرأ، حرًّا، تحت تأثير الرغبة، بنفاد الصبر وبأمل …
قراءاته كانت بذور كتبه… مكتبته هي ذاكرة لها، مكانٌ حميم، يوم عظيم من حياته… ومن خبرته كقارئ وباحث وكاتب، يعهد لقلمه بشغفه للحرّيّة والكتاب، ويباشر بالاستبطان.

“الرديف” من خصائص الشعر الفارسيّ ومدى تأثيره في الأدب العربيّ

“الرديف” من خصائص الشعر الفارسيّ ومدى تأثيره في الأدب العربيّ

إنّ العلاقات بين العرب والفرس قديمة بسبب قربهما اللغويّ والأدبيّ، ما أدّى إلى تشابه معيّن على مستوى المصطلحات والكلمات المستخدمة في اللغتين. يتناول المقال هذا معياراً موسيقياً يستند إلى هذا التشابه وهو “الرديف”، الذي يضطلع بمعانْ عديدة، بما في ذلك: الكلمة التي تتكرّر بعد القافية في قصيدة أو شعر. يتعامل كاتب المقال مع الموضوع في إطار الأدب المقارن، بين الأدب العربيّ والفارسيّ، بما أنّ المنهجيّة الرئيسيّة التي يعتمدها هي المنهجيّة المقارنة القائمة على أسس المدرسة الفرنسيّة. وبالتالي، نكتشف في هذه الدراسة الخصائص والمعاني العظيمة لكلمة “الرديف”، ووظائفها، وتأثيرها في بنية الشعر الموسيقيّة.

جماليّات المتحوّل في النصّ الشعريّ الأندلسيّ الموشّحات نموذجًا

جماليّات المتحوّل في النصّ الشعريّ الأندلسيّ الموشّحات نموذجًا

يسلّط المقال هذا الضوء على جماليّة غير الثابت (المتحوّل)، المعروف بأنّه وجه تجديديّ في النصّ الشعريّ الأندلسيّ حيث يتجلّى هذا النوع من التجديد بوضوح، من خلال فنَّيْن مستحدثّيْن: الأوّل هو الشعر مع القوافي المتنوّعة (الموشّحات)، والثاني هو الشعر الشعبيّ الدارج (الزجل)؛ إنّهما إثنين من الفنون التي عبّرت عن الشخصيّة الأندلسيّة والبيئة الأندلسيّة. أمّا بالنسبة إلى الدوافع التي كانت سببًا أساسيًّا في إنشاء هذه الفنون، فلنلاحظ الرغبة في تطوير الشعر العربيّ، والبراعة، والتصميم على متابعة التقدّم الاجتماعيّ الذي ظهر في قلب اجتماعات الترفيه والغناء في الأندلس.

تطوّر الخطاب الشرقيّ في الأدب الروسيّ

تطوّر الخطاب الشرقيّ في الأدب الروسيّ

يحلّل هذا المقال الخطاب الشرقيّ القائم في التقليد الأدبيّ الروسيّ. وهو يسعى إلى فهم جذوره وعلاقاته كما وتطوّره التاريخيّ والأدبيّ منذ ما يقارب ثلاثة قرون. مستوحىً في بداياته من حركة التنوير الفرنسيّة، سرعان ما تحوّل الأدب الروسيّ الشرقيّ إلى ظاهرة “تطبيع” كامل للنصوص الشرقيّة، إذ استحوذ على أفكارها وشخصيّاتها الأدبيّة، ولو منحها روحًا ومعنى روسيًّا جديدًا. نتيجةً لذلك، أصبح الخطاب الشرقيّ الروسيّ منذ القرن التاسع عشر جزءاً لا يتجزّأ من التقاليد الأدبيّة الروسيّة. ولتوضيح الظاهرة هذه، يدرس المقال أمثلة مختلفة لأقلمة النصّ الروسيّ مع النصوص العربيّة الحديثة.

النزول إلى الجحيم في الأساطير والقصص الشعبيّة (دراسة مقارنة بين الحضارة الإسلاميّة وحضارة المايا)

النزول إلى الجحيم في الأساطير والقصص الشعبيّة (دراسة مقارنة بين الحضارة الإسلاميّة وحضارة المايا)

يتناول هذا المقال مسألة النزول إلى جهنّم في القصص الشعبيّة والأساطير من خلال دراسة مقارنة بين معراج محمد في التقليد الإسلاميّ وأسطورة التوائم هوناهبو وكسبالانغ في تقليد المايا. وضمن إطار نظريّ مستوحى من فكر فلاديمير بروب، وميرسيا إليادي وكارل يونغ، تبحث هذه الدراسة في السياق الذي تدور فيه هاتان الروايتان – الجحيم، وجغرافيته، وقوانينه، وسكّانه – وشخصيّات هذه الأسفار، أبطالاً كانوا أم أنبياء. فمن ناحية، يبدو أنّ الغرض من هذا التحليل هو التأكيد على الصلة الوثيقة القائمة بين الحياة اليوميّة، والروايات الشعبيّة، والدين، ومن ناحية أخرى، استعادة هذا الخيط الذهبيّ الذي يوحّد بين هاتين القصّتين من خلال المكان والزمان، وهذا دليل دامغ على مصدرها المشترك: جوهر حالة الإنسان.

“معطف الرماد جسد الضوء” لـ بسمة الصيّاديّ – قراءة في فنَّيْ الشذرة والسرد

“معطف الرماد جسد الضوء” لـ بسمة الصيّاديّ – قراءة في فنَّيْ الشذرة والسرد

روحٌ في فورة، استُحضِرَت للقتال بشغفٍ مع ظلّها، تخلّت عن الـ “أنا” الخاصّ بها، وانبثقت مثل لهب نار قبل أن تصبحَ ضوءًا… ومن دون أن ترسم أيّ حدود، قد تلامس اللا نهاية… تقدّم لنا بسمة الصيّاديّ جوهرةً أولى يقدّرها كلّ عارفٍ بالمهنة، شعلة أولى لروح خلاقة وشابة تمتدّ حتى النهاية القصوى: معطف الرماد… جسد الضوء، فائضٌ من المعاناة، والحمّى، والغضب، والحبّ، وما يجمع بين الأدب، والشعر، والفلسفة …
في حين يقدّم الدكتور لبّس للقارئ منهجًا فريدًا يفصّل خصائص النبذة، ويحلّل، من خلال عمل بسمة الصيّاديّ، ديناميّة الكتابة المجزّأة التي تتوافق مع اللّغة والفكر لبناء فنّ يتضمّن تساؤلاتٍ حول قضايا أدبيّة وفلسفيّة تقود إلى القصّة…

سعادتنا، نتوهّمها أم نفقدها؟

سعادتنا، نتوهّمها أم نفقدها؟

يُعتَبَر المقال هذا قطعة أدبيّة عاطفيّة عن السعادة، كُتِبَ من وجهة نظر شخصيّة تستند إلى تجارب فرديّة، ومن وجهة نظر ثقافيّة نوعًا ما تقوم على بعض القراءات والمعرفة. الأسلوب أدبيّ هدفه السرد أكثر من الإقناع أو تقديم الحجج والبراهين.
علاوة على ذلك، تشتمل هذه القطعة الأدبيّة، في مجملها، على أضواء فلسفيّة ووجوديّة يؤكّد عليها المؤلّف، ويفهمها كلّ قارئ من خلال التجارب الشخصيّة التي كان سيعيشها في المجتمع وفي الجماعة، وفي مواجهة الأحداث والكوارث والأقدار.

منهج النقد الموضوعاتيّ في البحث عن النغم الضائع

منهج النقد الموضوعاتيّ في البحث عن النغم الضائع

“الموضوع” إلهام جوهريّ، ومصدر للتفكير، وهوس يدور حوله الغموض بين عمل الكاتب وحياته، هدفه بلوغ الانصهار البطيء في علم النفس الوجوديّ…
أمّا النقد الموضوعيّ، كما يحدّده جورج بوليه، “هو رواية وجود يبحث عن الجوهر”. إنّها حركة روحيّة وعضويّة على حدّ سواء، وهي تقوم على استكشاف عالم الكاتب الخياليّ، وربط التصوّر بالوعي الإبداعيّ، والغوص في أشدّ التجارب حساسيّة من أجل العودة إلى أصل العمل الإبداعيّ أو “الحدس المحدِّد”.
فمهما كان نطاق العمل المدروس، لا بدّ من أن تسترشد مسيرة القراءة بثلاثة أهداف أساسيّة من شأنها تحديد الموضوعات المتكرّرة في العمل، وتصنيفها، واستيعاب هيكليّاتها السرّيّة من أجل تأسيس بنية غير مرئيّة يتميّز بها العمل والولوج إلى عالم الفنّان الملموس.
على أيّ حال، يسلك النقد الموضوعيّ، والقراءة بالإحساس، والاستكشاف، والبناء طريق التماسك لا محال.

أدونيس والتجديد في النظريّة الشعريّة

أدونيس والتجديد في النظريّة الشعريّة

في إطار الأيّام الأولى من العام الدراسيّ 2014-2015 في “الجامعة للكلّ” بجامعة القدّيس يوسف، وتحت شعار “الفنّ ومكافحة المصير”، كان الشاعر أدونيس ضيف الشرف، وقد شارك الدكتور جورج سلهب، أستاذ أدب عربيّ وأدب مقارَن في معهد الآداب الشرقيّة، بجامعة القدّيس يوسف، وقدّم محاضرة بعنوان “أدونيس والتجديد الشعريّ”، في حضور الشاعر. وبعد الاطّلاع السريع على عمل الشاعر، وهو مرشّح دائم لجائزة نوبل في الأدب، أشار المُحاضر إلى خصائص شعر أدونيس: الرفض، والتمرّد الدينيّ والسياسيّ، والموت والقيامة، والهروب، والحلم، والطفولة، والهجاء. وقد أعرب الشاعر عن أفكاره التجديديّة التي تطال “مجلّة الشعر” التي أسّسها الشاعر يوسف الخال العام 1951. لقد جمعت المجلّة الأدبيّة هذه، التي استمرّت حتّى العام 1970، حول مؤسّسها وأدونيس نخبة من الشعراء والكتّاب المبتكرين الذين أعادوا إحياء حركة التجديد في الأدب العربيّ، التي أبصرت النور منذ أيّام جبران خليل جبران و”الرابطة القلمية” في بداية القرن العشرين. وقد كان قرار تغيير العالم من خلال الشعر مبدأ الحركة الشعريّة الرئيسيّ في “مجلّة الشعر”. ثمّ أعجب شعراء “الشعر” بالتيّار السرّياليّ، وأطلقوا العنان للتعبير المباشر، والتصوّر الشعريّ، والخيال الإبداعيّ. وقد كان عدد القصائد الأجنبيّة الكبير الذي نُقِلَ وتُرجِمَ على صفحات المجلّة يعكس العلاقة بين مؤلّفي “الشعر” والكوزموبوليّات الأدبيّة.

المقاومة والتمثيل: تفاعل محمود درويش مع الذاكرة والنسيان

المقاومة والتمثيل: تفاعل محمود درويش مع الذاكرة والنسيان

في روايته “ذاكرة النسيان”، صوّر الشاعر محمود درويش عمليّة تحضير القهوة ارتشافها وكأنّه فعل مقاومة، ووصف رائحة حبوب البنّ وكأنّها جغرافيا. يتّسم هذا النصّ في الشكل والمضمون باستحالة التصنيف، بما أنّه يحتوي على جغرافيّات متعدّدة. في الواقع، استغنم درويش فرصة اندلاع الحرب، والتدمير، وانفجار الوضع الذي كنّا نقود فيه الحياة بشكل مختلف تماماً عن الطبيعة. وهكذا، يعكس الفعل الإبداعيّ الواقع والتاريخ بشكل واضح، مع العلم أنّه الموضوع الأساسيّ الذي عالجه في روايته. وأنا أدرس هنا هذا النصّ وفقًا لمقاومة الحصار على بيروت، ومن منظور تمثيل الصوت الجماعيّ في السيرة الذاتيّة والانسجام مع الأدب القديم من أجل تسليط الضوء على الصراع بين التاريخ والتمثيل مع أخذ تعقيداتها كلّها بعين الاعتبار. تجدر الإشارة إلى أنّ النصّ الحاليّ يُظهر نقطة في غاية الأهمّيّة: إذا كان الإنسان يمتلك لغته، فسوف يتقن سرد روايته، وبالتالي، سوف يتقن قصّته.

البحث الأدبيّ في ظلّ الكمبيوتر والإنترنت. وجهة نظر

البحث الأدبيّ في ظلّ الكمبيوتر والإنترنت. وجهة نظر

تدور الأبحاث الجامعيّة حول قطبين أساسيّين: المعرفة والموارد الثقافيّة. لذا، فإنّ وضع إستراتيجية أمر ضروريّ جدًّا لتطوير أيّ مشروع بحثيّ.
غالبًا ما يواجه الطالب-الباحث النقص المستشري في المراجع في مساحة الويب (الإنترنت) الشاسعة، فتكون علاقته بالمعرفة والموارد الثقافيّة غير ثابتة، ما يتطلّب فعّاليّة في الممارسات المرتبطة بالتكنولوجيّات الجديدة وتدريبًا منهجيًّا.
في عصر الإنترنت، ثمّة حاجة إلى رؤية جديدة في ما يتعبّق بفنّ البحث للتوفيق بين القطبين وتزويد الطلاّب مسارَ الحكم الذاتيّ نحو اكتساب المعرفة وتقييم مصادرها.

فحولة الشعراء. مصطلح نقديّ قديم بلا معايير

فحولة الشعراء. مصطلح نقديّ قديم بلا معايير

في هذه الدراسة، يستحوز تحليل بدايات تصنيف الشعراء وفقًا لمصطلح “الفحولة” مساحةً كبيرة. في المقام الأول، نجد خطاب الأصمعيّ بعنوان “فحولة الشعراء”. ثمّ نعرض مقارنةً بين مئة وثلاثة شعراء مذكورين أعلاه، وقد كت ثلاثة منهم “المفضليّات”، و”الأصمعيّات”، و “جمهرة أشعار العرب”، وكذلك عمل الجمحيّ “طبقات فحول الشعراء”. يهدف التحليل هذا إلى اكتشاف درجة التشابه بين مؤلّفيه في ما يخصّ تصنيف روّاد الشعر بحسب المصطلح هذا. وتوضّح الدراسة بوضوح أنّ المؤلّفين غير متّفقين حتّى على اسم شاعر واحد.

حول آليّة نقد الذات ونقد الأنظمة. اللغة والسخرية في مسرحيّة إميل حبيبي المنسيّة “لكع بن لكع”

حول آليّة نقد الذات ونقد الأنظمة. اللغة والسخرية في مسرحيّة إميل حبيبي المنسيّة “لكع بن لكع”

يهدف المقال هذا إلى تحليل العناصر الرئيسيّة لمسرحيّة إميل حبيبي “لكع بن لكع” ، نظراً إلى الخصائص الثقافيّة والمسرحيّة التي تميّزها، في حين أنّه يعكس الصورة العامّة للتي اضطلع بها المسرح الفلسطينيّ في إسرائيل طوال ثمانينيّات القرن، أو في أثناء التغييرات السياسيّة والإقليميّة التي أثّرت في الشرق الأوسط. أمّا بالنسبة إلى العنصرين الأساسيّين للمسرحيّة هذه، وهما اللغة والسخرية، فقد كان لهما دورٌ أساسيّ كشف أسلوب حبيبي في الكتابة بشكل عامّ، أفي أعماله الأدبيّة أم غير الأدبيّة. يُبرز المقال كذلك وقع السخرية الملحوظ في المسرحيّة، لإظهار ما يمكن أن تخفيه من مفاتيح تساعد في فهمٍ أفضل للنصّ الذي يتمّ تحليله.

القدَر في أدب أبي العلاء المعرّي

القدَر في أدب أبي العلاء المعرّي

ما أودُّ إظهارَه من خلال سطور هذا البحث ليس مجرّد مُناظرة بيزنطيّة، بل هو بالحريّ سَفَر أدبيّ في الزمن حيث كانت قصائد أبي العلاء المعرّي تعيشُ مجدًا أيَّ مَجد! وهكذا، يبدو لي أنّ مسألة القدَر التي تشغل البشر تمثّل بالفعل شخصَين يستمتعان بالوقت المتبقّي لهما من الحياة: المتشائم والمتفائل. فالمتشائم يقول: “آه! يا للخيبة! حرمَني القدَر من نصف حياتي. فما الذي تبقّى لي؟”، في حين أنّ المتفائل يقول: “يا إلهي! ما زال أمامي كلّ هذه السنوات لأعيشَها، وأكثر من أيّ وقت، سأستفيد منها!”. هذان يعكسان حالةً نفسيّة يعيشانها. وفي هذه الدراسة، يظهر المعرّي مستندًا إلى التأمّل في العلاقة بين الله والإنسان في قصائده، ما سمح له بتبيان ميله الشخصيّ. كما أنّه اعتبر أنّ حريّة الاختيار هي جوهر الإنسان المتميّز من كلّ إنسانٍ غيره.
من خلال هذا كلّه حاولتُ إظهار القلق الذي يشعر به إزاءَ قدَره، بعبارة أخرى إزاء عَماه الأبديّ. وقد وضع المعرّي كلًّا من القدَر والله على مستوى واحد، واعتبرَ أنّ القدَر هو سُلطة قاسية وظالمة، تسيطر على شؤون الإنسان، وقوّتها لا تُقارَن.

الورد والأفيون أو صراع الفنّ والدِّين

الورد والأفيون أو صراع الفنّ والدِّين

لم ينتهِ الصراع بين الفنّ والدين، ولم ينتهِ نزاع القطبَين في الألفيّة الثالثة؛ ما زال الفنّ يسخر وينتقد ويقسو، والدِّين يحظّر ويحرّم ويحطّم، ترافقه نزعةٌ همجيّة لتخريب الآثار الفنيّة وهَدْم النفائس والصنائع ومطاردة صانعيها.

الشِّعر دَرْوَشَةً. قراءة في ديوان وادي النَّمل للشاعر جمال الصليعيّ في ضَوء تقاطع رؤيتَي السُّلوك الصوفيّ والتَّرحال الدّولوزيّ

الشِّعر دَرْوَشَةً. قراءة في ديوان وادي النَّمل للشاعر جمال الصليعيّ في ضَوء تقاطع رؤيتَي السُّلوك الصوفيّ والتَّرحال الدّولوزيّ

يعالج المقال نموذج الرحّالة الأصليّ في ديوان جمال الصليعيّ (شاعر تونسيّ معاصر) وادي النَّمل، كاشفًا اللغة العربيّة بصفتها بحثًا وانعكاسًا للرحّالة/الشاعر.
إنّ السفر الصوفيّ (الدَرْوَشة) وفسلفة السَّفَر عند الدولوزيّ (البَداوة) يلتقيان في التفاعُل بين الشاعر واللغة من خلال مصيرهما. وهذا الالتقاء يكشف الصراع بين الشاعر واللغة طوال السفَر/الديوان؛ فالشاعر يحدّد نفسه في أمجاد لغته/أرضه وتاريخه، رافضًا تفسّخَه وحاضِرَه الفارغ حيث يشعر بأنّه منفيّ. وجوابًا عن مسألة الانتماء والعزلة في صراع الهويّة، يبدو سفَر الصليعيّ دروَشَةً دولوزيّة، بكلّ تعقيداتها.

“الالتزام” عند رئيف خوري

“الالتزام” عند رئيف خوري

يحتفل لبنان هذا العام بمئويّة ولادة رئيف خوري (1913- 1967)، كاتب شهير ومفكّر تقدّميّ. والدراسة التي كتبها أحمد عُلبي معنونَة “الالتزام عند رئيف خوري”؛ تهتمّ بالتقرير المشهور، الثورويّ كما يُزعَم، الخاصّ بأندريه جدانوف، في العام 1947، في شأن الفنّ والأدب. في نيسان 1955، أُجريَت مناظرة مُدَوِّية في قصر الأونيسكو ببيروت، بين رئيف خوري والكاتب المصريّ المشهور طه حسين، في موضوع: “هل يكتب المؤلِّف للجماهير أو للنُّخبة؟” وكان رئيف لامعًا وقد دافع عن فكرة أنّ ريشة المؤلّف تجعلُه مسؤولًا اجتماعيًّا. وقد أثارَت هذه المناظرة عددًا كبيرًا من التعليقات في الصحافة الأدبيّة.

المفكِّرة الرومانيّة. يوميّات رحلة إلى المدينة الخالدة

المفكِّرة الرومانيّة. يوميّات رحلة إلى المدينة الخالدة

إنّ “المفكّرة الرومانيّة” ترسم رحلة مؤلّفها، كاتبٍ رحّالة؛ إنّها تمسحُ طريق روما، المدينة الخالدة، وتشهد على تشابهٍ جزئيّ بين السفر، والأدب، والفنّ، والتأمُّل، والذكريات، وتنقلُنا على خُطى أماكن عديدة، في متاحف الفاتيكان، في غرف روفائيل، وفي لوحات مايكل أنجلو، وفي الكنائس…

دراسة “بانوراميّة” للقصيدة العربيّة الحديثة

دراسة “بانوراميّة” للقصيدة العربيّة الحديثة

الدراسة البانوراميّة للقصيدة العربيّة الحديثة هي دراسة لا تحوي جذورَ الخبرة الشِّعريّة ومنبع الشِّعر وحسب، بل تحوي سلوك القارئ تجاه الشِّعر وتجاه مَعالمِه. بالإضافة، تستكشف المشاكل التي يواجِهُها الشِّعر على صعيد النقد والأصالة. سوف تُعالَج هذه المسائل ضمن مجال إعداد القصيدة الشعريّة الحديثة في ضوء سياقاتها وبُناها وتغيُّراتها واتّجاهاتها.
في هذه الدراسة، نطرح موضوع النقد الأدبيّ اللبنانيّ التجديديّ الذي يدرس: أ- طريقة عرض الشعر والطريقة التي يتمكّن مَن يتلقّاها من الاستمتاع بطعمها؛ ب- دور التأثير الشعريّ في خلق التواصل بين القارئ والمرسَل إليه؛ ج- جمهور الأدب وأنواعه؛ د- محنة العلاقة بين الشعر العربيّ وجمهور الأدب. ويُستنتَج من هذه الدراسة أنّ الحداثة في الشعر العربيّ في لبنان هي فرع حداثة أساسيّ في الأدب العربيّ الحديث.

شاعر النيل وقضيّة الالتزام

شاعر النيل وقضيّة الالتزام

في الظروف الراهنة، تتطوّرُ العلاقة بين الأدب والحياة باستمرار في كلِّ يوم، بحيث إنّ الأدب يتّخذ جانبًا بشريًّا يسلّطُ الضوء على رسالة الأدب هذا وعلى مسؤوليّة الكتّاب الحديثين. وهذا ما يُسمّى بقضيّة الالتزام؛ فالكتّاب كانوا يناضلون من أجل استقلال الشعب والدفاع عنه، ويطالبون بالعدل وباستئصال الجَهل والفقر، ويحاولون تشجيع الفضيلة والأخلاق الحميدة.
يرمي هذا المقال إلى معاينة قضيّة الالتزام في أشعار حافظ إبراهيم، شاعر الشعب المشهور، بهدف معرفة مدى اهتمامه بالمسائل المجتمعيّة وبمأساة الشعب المصريّ، وهذا بحسب محورَين رئيسيَّين: الأوّل ظهور الالتزام، والثاني له جانبان يطبعهما عدم الاحترام.
واستنتجنا أنّ الشاعر كان في بعض الأحيان قد انحرفَ عن الالتزام الجدّيّ، خصوصًا عندما وظّفته الحكومة في مكتبة مصر؛ ولكنّ ذلك وغيره لم يُبعِد شاعر النيل من دائرة الالتزام عامّةً. كان شاعرًا ملتزمًا طوال حياته تقريبًا، بالرغم من الوسط المصريّ الذي كان يعيش فيه، والظروف الحياتيّة التي كان تحيطُ به والتي آلت به أحيانًا إلى الخروج من إطار الالتزام الجدّيّ هذا.

أثر لفظ الجلالة “الله” في شخصيّة أبي فراس الحمدانيّ

أثر لفظ الجلالة “الله” في شخصيّة أبي فراس الحمدانيّ

تبغي المؤلّفة تحديد تأثير لفظ الجلالة “الله” عند الشاعر أبي فراس وفي كتاباته. فبعد قراءة معمّقة لديوان الشاعر، اكتشفت أنّ الله كان رفيقًا حقيقيًّا لأبي فراس، يوجّهه خطوةً خطوة ويسانده يوميًّا. وما تريد المؤلّفة إيصاله خاصّةً ليس إلّا الدراسات السابقة المتعلّقة بهذا الموضوع والتي تُظهر فروقات كبيرة بين بعض المؤلِّفين الذين كتبوا عن أبي فراس الحمدانيّ.

Share This