ندامةُ ﷲ بين الرَّحمة والعدالةِ في أسفار الأنبياء
ط.1، 62 صفحة، بيروت: دار المشرق، ٢٠٢٤
ISBN : 978-2-7214-5669-4
الأب فِراس لُطفي راهبٌ فرنسيسكانيّ من مواليد سوريا. حائزٌ شهادة الماجستر في اللَّاهوت الكتابيّ من الجامعة اليسوعيَّة الغريغوريَّة الحبريَّة في روما، وهو يدرِّس مادَّة الكتاب المُقدَّس في مركز اللَّاهوت بحلب.
في هذا الكتاب، يبحث المؤلِّفُ في المعنى الحقيقيّ لصيغة الصِّفات الإلهيَّة، أي العبارة القائلة إنّ الله يندم على فِعل الشَّرّ الواردة في سفرَي النَّبيَّيْن يوئيل ويونان، وفي أصلها، وفي الاختلافات بين أسفار الأنبياء بشأنِ الصِّفات الواردة فيها. ثمّ تناول معنى صفة ندامة الله على الشَّرّ، أيْ قابليَّة التَّغيير داخل الذَّات الإلهيَّة. ففيما بعض النُّصوص ينفي فكرة تغيير الله لفكره، فيقول سفر العدد «ليس الله ابنَ بشرٍ فيندم» (٢٣: ١٩)، تدعم أخرى فكرة أنّ الله يغيِّر فكره. يتعمَّق الكاتبُ في سفر يونان أنموذجًا للتَّأكيد أنَّ مقدرة الرَّبّ على النَّدامة هي فعلٌ حرّ للانتقال من حُكم الدَّينونة إلى الرَّحمة. فعندما طلب الله من يونان النَّبيّ تحذيرَ أهل نينوى الوثنيِّين، هرب النَّبيّ من المهمَّة، ليس خوفًا من أن يكون نذيرَ خرابٍ، بل لأنَّه علِم أنّ ﷲ «إلهٌ رؤوفٌ رَحيمٌ طويلُ الأناةِ كثيرُ الرَّحمة ونادمٌ على الشَّرّ». علم النَّبيّ يونان أنّ ﷲ سيمنحُ غفرانَه في حالِ رغِبَ سكَّانُ نينوى بالتَّوبةِ وتجاوبوا مع ندائه، فهو رفض «ندامةَ الرَّبّ»، فكان حدثُ اهتداء سكَّان نينوى وسيلةً تربويَّة للنَّبيّ يونان.
بعد ذلك توقَّف الأب لُطفي على مَشاهد ثلاثة تُظهر «ندامة ﷲ»، وهي رواية الطُّوفان، ورواية العهد، ورواية نهاية مُلكِ شاول، والمشاهد الثَّلاثة تُظهر «بداياتٍ متعثِّرة»، ولكنَّها كانت أيضًا «فرصةً سعيدة» أظهرت محبَّةَ ﷲ وأمانته ووفاءَهُ لوعوده. فعندما حاد الشَّعبُ عن وصاياه وآثر عبادة عجلٍ ذهبيّ، لم يفسخ ﷲ العهد مع الشَّعب، بل غفر له. في كلّ مرَّة قابل المؤمنون أمانة ﷲ بالخيانة والرَّفض، قرّر ﷲ المُضيّ قُدُمًا إلى الأبد بالرُّغم من الخطأ البشريّ. إنَّ النَّدامة تأكيدٌ أنَّ ﷲ حرٌّ «في الانتقال من صفةٍ إلى أخرى، أي من العدل إلى الرَّحمة، مع إعطاء صفة الرَّحمة الأولويَّة» (ص.٣٠)، لأنَّه يريد حياةَ الإنسان وخيره. هو يتغيَّر، لكنَّه يتغيَّر كإلهٍ لا كالخليقة.
إنَّ هذا الكتاب هو على الأرجح الرِّسالة الَّتي قدَّمها الأب لنيل شهادة الماجستر، وهو إنَّما وضَعها في متناول القارئ غير المتخصِّص تبحث في إشكاليَّة أساسيَّة، ألا وهي صفة «التَّغيّر» في ﷲ بعد أن اعتاد الكثيرون على اعتبار الجماد علامةً للكمال. كما أنَّه يدعو إلى التَّفكير كيف أنَّ صفتَي العدل والرَّحمة، وقد يراهما بعضُهم متناقضتَين، ترتبطان بالله الَّذي خلق الحياة ويريد أنْ يهبَها بوفرة لخلائقه. إنَّه كتاب عميق ويدعو إلى التَّفكير والتَّأمُّل في آن.
الأب غي سركيس: حائز درجة الدُّكتوراه في اللَّاهوت من الجامعة اليسوعيَّة الغريغوريَّة الحبريَّة (روما). أستاذ محاضر في جامعتَي القدِّيس يوسف، والحكمة. وهو كاهن في أبرشيَّة بيروت المارونيَّة. له مجموعة من المؤلَّفات الدِّينيَّة والتَّأمُّليَّة والفكريَّة في اللَّاهوت المسيحيّ، وحوار الأديان والحوار الإسلاميّ المسيحيّ، وبعضها من إصدار دار المشرق (نوبل للسَّلام… لمن؟، أؤمن… وأعترف، قراءة معاصرة في الإيمان المسيحيّ، وإيمان في حالة بحث – النَّشاط اللَّاهوتيّ في المسيحيَّة، ودروس من الهرطقات، ودليل المنهجيَّة في أبحاث العلوم الإنسانيَّة – طرائق البحث الجامعيّ في اللَّاهوت والفلسفة). [email protected]