مرتكزات التّربية في التّنشئة الصّوفيّة المسيحيّة
ط.1، 58 ص. بيروت: دار المشرق، 2023
(ISBN: 978-2-7214-5640-3)
لأنّ «موضوع الصّوفيّة متشعّب وغير مرتبط بالدّيانتين المسيحيّة والإسلاميّة وحدهما فهناك العديد من الدّيانات الآسيويّة… وغيرها ترتكز على حياة التّقشّف والزّهد والإماتات، ولكنّها تختلف عن الصّوفيّة من حيث الجوهر…»، كما جاء في مقدّمة الكتاب، أراد المؤلّف، الخوري بولس مطر، أن يعرض النّظرة المسيحيّة للزّهد والتّقشّف المختلفة عن نظرة سائر الأديان باختلاف نظرتها إلى الجسد. فـ «الزّاهد ليس من يقوم بالإماتات من أجل تعذيب جسده بل حبًّا باﷲ.» إنّه «من يترك كلّ شيء لأنّه وجد الكنز الثّمين» ألا وهو ملكوت السّموات.
أوضح المؤلّف أنّ «التّصوّف ليس هدفًا بحدّ ذاته، بل هو وسيلة من أجل الاتّحاد باﷲ.» من هنا، يتطرّق المؤلّف إلى «الحياة النّسكيّة والتّصوّف في الحياة الرّهبانيّة»، حيث تُعاش ضمن جماعة. ثمّ يتناول «مرتكزات التّربية في التّنشئة الصّوفيّة المسيحيّة» وهي ما عُنوِن بها الكتاب من باب تسمية الكلّ باسم الجزء.
الأساس يبدأ بالعلاقة الشّخصيّة بالمسيح عبر الأسرار، ثمّ يأتي التّأمّل الّذي يخدم نموّ المسيحيّة في محبّة اﷲ بواسطة ابنه الّذي جعل كلّ إنسان ابنًا ﷲ مع الابن، ويحيا معه، وبواسطته، حياة اﷲ. فطريق المسيحيّ إلى اﷲ هو المسيح. «التّصوّف، بالمفهوم المسيحيّ، لا يمكن إلّا أن يكون بواسطة المسيح».
استعرض الأب مطر المراحل الثّلاث للحياة الرّوحيّة: التّطهير، والاستنارة، والاتّحاد، وهي من أهمّ ركائز السّلوك المسيحيّ. وهناك الفضائل الإلهيّة كركائز للتّنشئة الصّوفيّة وهي الإيمان والرّجاء والمحبّة. «المسيحيّ المؤمن لا يعيش بُعد الزّهد في حياته بطريقة فرّيسيّة وظاهريّة… بل يمارسها على أساس المحبّة»، لذلك يورد الكاتب نماذج حياتيّة عاشت واختبرت حياة التّصوّف أمثال القدّيس إسحق السّريانيّ، ويوحنّا الدّلياتيّ، والقدّيسة تريزا الآفيليّة، والقدّيس إغناطيوس دي لويولا.
بعد أن عالج «موضوع التّصوّف المسيحيّ من النّاحية التاريخيّة» وعرض بدايةَ «الحياة النّسكيّة والصّوفيّة وأسبابها»، وتناول مرتكزات التّربية في التّنشئة الصّوفيّة المسيحيّة، اختتم الخوري بولس مطر دراسته بالتّأكيد أنّ «هدف المسيحيّ المؤمن هو اتّباع المسيح الّذي هو «الطّريق والحقّ والحياة».
في زمن يرزح تحت وطأة المادّيّة، يأتي هذا الكتاب ليضخّ روحًا مسيحيّة تسلك طريق المسيح ومَن اقتدى به في حياته المتّحدة بالله الآب.
الدّكتورة بيتسا استيفانو : حائزة دكتوراه في العلوم الدِّينيَّة، وإجازة في الأدب العربيّ من جامعة القدِّيس يوسف في بيروت. أستاذة محاضرة في معهد الآداب الشَّرقيَّة في الجامعة، ومسؤولة عن الأبحاث في مكتبة العلوم الإنسانيَّة فيها. أستاذة محاضرة في جامعة «Domuni» – باريس. ولها العديد من المقالات المنشورة باللُّغتين العربيَّة والفرنسيَّة.