اللاّهوت السّياسيّ في الكنيسة المارونيّة

جان بيير لومينيه

أسرار الكون في أربعين سؤالاً

نقلته إلى العربيّة إليزابيتا أبو جودة
96 ص. ط.1. بيروت – لبنان: دار المشرق، 2022.
(ISBN: 978-2-7214-1214-0)

افتح يا سمسم الكون. صرخة أطلقها كتيّب صغير مشحون بالإجابات العلميّة عن أسئلة رافقت الإنسان منذ أن رفع نظره إلى فوق، وتأمّل صنائع اﷲ وعجائبه. من هنا جاءت بداءة الكتاب في الفلكيّين البابليّين والصّينيّين والمصرّيين والإغريقيّين والعرب والأوروبيّين، من كوبرنيكس، وتيكو براهي، ويوهانس كبلر، وغاليليو إلى جورج لوميبتر، مرورًا بكوبرنيكس، وكبلر، ونيوتن، وأينشتاين وغيرهم.

من المفيد الانتباه إلى ربط مضمون الكتيّب بالحضور الإنسانيّ في الفلك الواسع، فكلّ توسّع في جواب يأتي من منصّة إنسانيّة ثابتة كقوله: «إنّ عين الإنسان، وكذلك صفائح التّصوير الفوتوغرافيّ العاديّة ، لا تدرك إلّا جزءًا صغيرًا جدًّا من الطّيف الكهرومغناطيسيّ» (ص. 9)، ليبدأ بالإجابة عن السّؤال المطروح في الضّوء مثلًا، بل يصل إلى طرح مسألة موقف الإنسان مباشرة في السّؤال: «هل ما تزال الأجسام السّماويّة الّتي يراقبها الإنسان موجودة؟» (ص. 11). هذا يعني أنّ الإنسان عالم ذاته، وفلك نفسه، ولو سلّم الكاتب بأنّ «عدد النّجوم في الكون يوازي عدد حُبيبات الرّمل على الأرض» (ص. 13). إنّ عظمة الكون لا تلغي فرادة الإنسان وحضوره على الرّغم من دراسته «القوى الرّئيسيّة الّتي تحكم الكون» (ص. 15)، و«الصّلة بين اللّامتناهي في الكبر واللّامتناهي في الصّغر» (ص. 17). صحيح أنّ المؤلِّف خصّص صفحات للحديث عن الشّمس والكواكب والمنظومة الشّمسيّة (ص. 21-36)، لكنّه قارب الموضوع من بوّابة الحياة واستمرارها ليطرح السّؤال الدّائم «هل سيسكن الإنسان يومًا في كوكب الزُّهرة؟»، وليخلص إلى أنّ «المياه على الزُّهرة تبخّرت كلّها، وأصبح تؤأمنا كوكبًا صحراويًّا ومُحرقًا» (ص. 37). كأنّ المؤلّف، رغم علميّته، خرج إلى النّظريّات الجغرافيّة الفلكيّة باحثًا عن توأم للإنسان وللعالم، وبمعنى آخر البحث عن الذّات، ليس في عمقها فحسب، بل في مظاهرها، كما في بحثه عن تفاصيل الفلك وملامحه، من الحلقات الّتي تحيط بالكواكب (ص. 39)، وعدم بقاء بلوتو كوكبًا (ص. 41)،  والمذنّبات (ص. 43)، وولادة النّجوم وشعاعها (ص. 47)، والثّقب الأسود الّذي هو عبارة «عن حدود هندسيّة ترسم حدود منطقة اللّارجوع» (ص. 53).

ليس في الكتيّب منطقة لا رجوع عن طرح القضايا المختلَفِ عليها، كنظريّة تمدّد الكون، الّتي نادى بها فريدمان في العام 1922، وجورج لومتر في العام 1927، وتعرّضا لانتقادات لاذعة من ألبرت أينشتاين وغيره، ومن فريد هومل في العام 1950، الّذي ناهض هذه النّظريّة بوضعه لفظ «الانفجار العظيم، أو «البينغ بانغ» للحطّ من قيمة نظريّة الانفجار الكونيّ. (ص. 67)، ليتابع عرضه في النّظريّات الفلكيّة ليتساءل: «هل سينكمش الكون أو سيتوسّع باستمرار»؟ (ص. 75)، «وهل من شيء قبل الانفجار العظيم»؟ (ص. 77) ليطرح الأسئلة المتعبة: «هل من حياة خارج كوكب الأرض»؟ (ص. 81)، وهل يمكن الإنسان أن يبحث عن حياة في المنظومة الشّمسيّة في مكان غير المرّيخ؟ وبالتّالي كم من حضارة قد نجد ضمن مجرّتنا؟» (ص. 91).

يختم المؤلّف كتيّبه بجواب واضح متناقض، فيذكر عن إنريكو فيرمي: «لو أنّ حضارات أكثر تقدّمًا من حضارتنا كانت موجودة في النّظم الكوكبيّة القديمة، لكانت تركت علامات (موجات كهربائيّة، أو بقايا آثار إلخ….) يمكن ملاحظتها من الأرض»، ليختم بمعارضة هذا القول من علماء آخرين خلاصتها: «ثمّة كائنات فضائيّة، ولكن، لأسباب مجهولة، فإنّ التّواصل معها، والسّفر عبر النّجوم مستحيل، أو غير محبّذ، ثانيًا إنّ الكائنات الفضائيّة تزور الأرض فعليًّا، ولكن بطريقة سرّيّة» (ص. 92).

ختامًا، يقول أدونيس: الماء جهنّم النّار، وفي هذا الكتيّب يصحّ القول: «الإجابات جهنّم الأسئلة».

الدّكتور جان توما :

حائز دكتوراة في اللّغة العربيّة وآدابها من الجامعة اللّبنانيّة. أستاذ محاضر في جامعات: القدّيس يوسف، واللّبنانيّة، وسيّدة اللّويزة، ويشغل منصب رئيس قسم اللّغة العربيّة في جامعة الجنان. له أكثر من سبعة عشر إصدارًا يتراوح بين كتب أدبيّة، وشعريّة، ورواية، ودراسات تربويّة، وتحقيق مخطوطات.

[email protected]

Share This