اللاّهوت السّياسيّ في الكنيسة المارونيّة

جوزف طانيوس لبّس

المفكّرة الرّومانيّة،
يوميّات رحلة إلى المدينة الخالدة

96 ص. ط.1. بيروت: دار المشرق، 2022
(ISBN: 978-2-7214-1207-2)

أَهي مُفكِّرة، يوميّات، تقرير، شهادة حيّة؟ نحتارُ ماذا نختار تسميةً أو نعتًا لهذا الكتاب، فهو يكادُ يتحمّلُ كلّ تلك التَّسميات. وعلى صِغَرِ حجمه، يُلبّي متطلّباتِ كلٍّ منها من حيثُ الجوهر، والمعنى، والمرمى.

لم يشأ جوزف لبّس، مؤلِّفُ الكتاب، الاحتفاظَ بهذه المغامرة لنفسِه، بل قرّرَ مشاركتَنا فيها، فجعلَها تنطُقُ على الورق، ونقلَها وَصفًا، وسَردًا، وشِعرًا؛ تاريخًا يحكي، ينبُض، يصلُ إلينا بأسلوبٍ فيه من التّهذيبِ والرُّقيّ ما فيه من الدِّقّةِ والوضوح وسلامة الصِّياغة، بين إنشاءٍ وخبَر، فالمؤلِّف يحرِصُ، وبطبيعيّة مُطلقَة، على أن يوفّقَ بين إبراز جمالِ اللّغة العربيَّة وسِحرِها، وإرسالِ المعلومات الّتي يحتاجُ إليها كلُّ قارئ، صغيرًا كان أو راشِدًا، طالِبًا للعِلمِ أم باحثًا عن متعةِ المطالعة.

فها هي روما تستقبلُه؛ يستهلُّ المؤلِّفُ مشوارَه بإطلالةٍ على نوعٍ أدبيّ طبَعَ التاريخ، هو أدَبُ الرِّحلة، باختصارٍ لافت يشملُ الأساس، ويضعُ القارئ في إطارٍ مَتين يجعله يتوقّعُ ما هو بانتظارِه في الصّفحات التّالية.

«روما وفي خمسة أيّام؟» سؤال سائق سيّارة أُجرة فرنسيّ مُتعجِّب.. نعم، هذا ممكن، إن عرفَ الزائرُ أين يتّجه وماذا يقصد. والمؤلِّف، تُرافِقُه والِدتُه وابنُ أخيه، راح يجولُ في المدينة الخالدة، يسجّلُ ما يراه، يروي أحداثًا متعلّقة بالأماكن والآثار، مستطردًا شِبهَ استطراد، أحيانًا، لتمرير معلومةٍ من هنا ومن هناك، من غير حشوٍ ولا تكرار، توثِّقُ البحث، يتلقّاها القارئ عن غير قصد، فترسَخ في ذِهنِه. فأينَ لنا أن نتذكّر فرجيليوس، أعظم شعراء الرّومان وصاحب الإنياذة، أو أن نتعرّف إليه، لو لم يذكُرْه المؤلِّف في سِياق كلامه على الرُّومان وعظمةِ روما؟ وكيفَ نفكّرُ بالذِّئبة (Lupa)، لو لم يتحدّث المؤلِّف عن أسطورة رومولوس وريموس، ابنَي إله الحرب مارس؟ وكم هي كثيرةٌ الأمثلة!

وهكذا نكتشفُ روما مع المؤلِّف؛ مِن بِرنيني إلى رافاييللو، ومن تلميذ برنيني إلى ميكلانجلو، نمرُّ بكنيسة سيّدة الانتصار، وبساحة البانتيون، وصولًا إلى الكولوسّيو والـﭭاتيكانو، وكابيلّا سيستينا! ومن خلال وصف المؤلِّف، نخالُ أنفسَنا هناك، مشاهِدين مندهِشين؛ فكَم إبداعٍ، وكم جُهدٍ، وكم عبقريّةٍ التّضحيات! كم مِن أحداثٍ جرت وأعمالٍ أُنجِزت لتُصنَعَ تلك المدينةُ وتُبنى؟!
لن نُطيلَ الكلام أكثر، إذ يبقى الكتابُ بذاته هو المتكلِّم، المرجع والدَّليل.

آن ماري شكّور فهمي :

مدقّقة لغويّة ومنسّقة الإنتاج في دار المشرق – بيروت. حائزة إجازة تعليميّة وماجستير في اللّغة العربيّة وآدابها من معهد الآداب الشّرقيّة بجامعة القدّيس يوسف – بيروت. لها ترجمات إلى العربيّة في دار المشرق، وقراءات نقديّة في مجلّة المشرق المحكّمة.

[email protected]

Share This