اللاّهوت السّياسيّ في الكنيسة المارونيّة

لورا ألاريا

الأطفال وصعوبات التّعلُّم

نقلته إلى العربيّة إليزابيتا أبو جودة
128 ص. بيروت: دار المشرق، 2022
(ISBN: 978-2-7214-1215-7)

يعكس غلاف الكتاب، من حيث الشّكل، مضمونه بشكل جيّد من خلال صورة الغلاف الّتي تُظهر محاولة الأم تفهّم موقف ابنتها السّلبيّ بطريقة إيجابيّة، إضافة إلى العناوين الفرعيّة للعنوان الأساسيّ الّتي جاءت بمثابة أسئلة فرعيّة، توضح محتوى الكتاب ومضمونه. وهو يتألّف من جزأين، فتتفرّع من الجزء الأوّل سبعة عناوين، ومن الثّاني أربعة.

أمّا من حيث المضمون، فتتناول الكاتبة في الجزء الأوّل (فئات الأطفال ذوي صعوبات التّعلّم الشّديدة) تعريف اضطرابات التّعلّم بطريقة علميّة، وبحسب مجالات تلك الاضطرابات سواء على مستوى اللّغة المحكيّة أو اضطراب الانتباه، أو على مستوى الحركة، ومستوى التّعلّم في المدرسة، مع الإشارة إلى المعايير الأربعة الّتي تحدّد اضطرابات التّعلّم (الخاصيّة، الطّابع الموضوعيّ، الاستدامة وتداخل الاضطرابات الواضح). ويتدرّج المحتوى، ليتطرّق إلى تعريف أدقّ لتعامل أفضل، والكشف والتّقييم والتّشخيص، ثمّ الرّعاية لا سيّما مع ذكر أهمّيّة الأطراف الفاعلة كافّة، ودورها في العمليّة التّعليميّة. تميّز هذا الجزء بمعلومات جدًّا مفيدة وعلميّة تمّ سردها بطريقة سهلة على الفهم، وبتسلسل يشدّ القارىء لمعرفة المزيد لا سيّما المهتمّون بهذا الموضوع.

ونلاحظ في هذا الجزء أنّ فقرة أخذت حيّزًا ليس ببسيط من حيث مساحته، وهي تلك المتعلّقة ببنى المساعدة والدّعم في فرنسا، والتّعديلات الدّراسيّة فيها. هنا يظهر لنا أنّ الكاتبة قد أخذت دراسة الحالة من فرنسا، حيث وردت تفاصيل كثيرة ودقيقة عن كيفيّة القوانين النّاظمة ومسارها من أجل معالجة ذوي الصّعوبات التّعليميّة في فرنسا، مع التّطرّق إلى تفاصيل الضّمان الصّحيّ والتّعويضات، وهي تفاصيل قد لا تهمّ القارىء إن كان لا يعيش في فرنسا، إضافة إلى ورود بعض الأرقام الإحصائيّة حيث لا يظهر مصدر تلك الأرقام وعيّنتها (ص. 17).

أمّا في الجزء الثّاني، الّذي حمل عنوان «نظرة عامّة إلى اضطرابات التّعلّم»، فنجد أنّ الكاتبة، على الرّغم من ورود الكثير من التّفاصيل التّقنيّة والعلميّة البحتة، قد تمكّنت من إيصال تلك المعلومات الخاصّة بمختلف الاضطرابات والصّعوبات التّعليميّة وتفصيلها بطريقة سلسة، خصوصًا من خلال بعض شهادات أهل الأطفال الّذين يعانون من اضطراب معيّن، ممّا يقرّب الموضوع إلى القارىء، وينقل صورة ملموسة وواقعيّة عنه، مع الخروج من إطار الصّعوبات النّظريّ عندالأطفال. وفي هذا الجزء، توصيف مفصّل لاضطرابات تعلميّة مثل عسر الكلام لدى الأطفال، واضطراب التّنسيق التّنمويّ، واضطراب نقص الانتباه مع فرط النّشاط أو من دونه، وأخيرًا اضطرابات التّعلّم من حيث عسر القراءة واضطراب الكتابة وعسر الحساب. وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ الكاتبة قد اعتمدت المنهجيّة ذاتها في مقاربة مختلف تلك الاضطرابات، بدءًا من تحديد ماهيّة الاضطراب، مصدره، وظهوره، إلى كيفيّة تقييم الأطفال ذوي الاضطراب وطريقة رعايتهم. ولم تنسَ أن تتناول كيفيّة مساعدة هؤلاء الأطفال في حياتهم اليوميّة، سواء في المنزل أو على المستوى الدّراسيّ.

ومن المهمّ التّوضيح أنّ هذا الكتاب مترجم، وقد كان من الأفضل وضع تفصيل لاختصارات التّسميات العلميّة acronyms الواردة فيه، لا سيّما لدى تشخيص الاضطرابات.

ختامًا، إنّ محتوى الكتاب مصاغ بطريقة جيّدة، والمعلومات واضحة ودقيقة في جزأيه، لا سيّما فيما يتعلّق بتشخيص الصّعوبات، ويستفيد من قراءته كلّ الأطراف الفاعلة في رعاية الأطفال الّذين يعانون من الصّعوبات، وبشكل أساسيّ الأهل، والمعلّمون واختصاصيّو الصّحّة. وهو يغطّي الموضوع من جوانبه كافّة، ويُعتبر قيمة مكمّلة ومضافة إلى مختلف الأدبيّات والكتب الّتي صدرت في هذا الإطار، وبخاصّة في مرحلة ما بعد كورونا، حيث أظهرت دراسات أجريت في أكثر من 146 دولة أنّ معظم الأطفال يعانون من صعوبات، وفاقد تعليميّ كبير. من هنا أهمّيّة عدم الخلط بين هذه الصّعوبات وتلك النّاتجة من أخرى هي أصلًا موجودة عند الطّفل، ومن الأهمّيّة بمكان تشخيصها في مرحلة مبكّرة، كي تتمّ مواكبة الطّفل من كلّ الأطراف الفاعلة في حياته، إن كان في البيت أو في المدرسة، والمساهمة في تقوية شخصيّته، وجعله إنسانًا فاعلًا في مجتمعه.

الدّكتورة نادين الفرنجي : 

حائزة شهادة دكتوراه في التّربية (2017) وماجستير في العلوم السّياسيّة (2010). تعمل مستشارة تربويّة مع الفريق التّربويّ لدى البنك الدّوليّ، وتحاضر في أكثر من جامعة في حقل التّربية المواطنيّة.

[email protected]

Share This