اللاّهوت السّياسيّ في الكنيسة المارونيّة

كيفِن لابيوس

أعظم خطابات التاريخ

نقله إلى العربيّة كريستيان الضاهر
112ص. ط.1. بيروت: دار المشرق، 2021
(ISBN: 978-2-7214-1212-6)

ينبري الكتاب منصّة لاستعادة ألق القيم الإنسانيّة، ومسعى لأنسنة العالم بالكلمة الّتي قالها «رجالات تطنّ في آذاننا، وترجعنا حقبات إلى الوراء، فنتفكّر ونتأمّل» .هي خطابات عظيمة في التّاريخ، ولعلّ من أهمّها، فالنّصوص المختارة هنا تعود لشخصيّات تميّزوا في المفاصل التّاريخيّة، إنْ لم تصنع هي التّاريخ، كالنّبيّ موسى (سفر التّثنية)، ويسوع النّاصريّ (العظة على الجبل)، والنّبيّ محمّد رسول اﷲ (الآيات عن الصّلاة)، والقدّيس فرنسيس الأسّيزيّ (عظة للعصافير). كأنّها مختارات تكمل بعضها بعضًا على مستوى التّعاليم السّماويّة، أو على مستويات المذاهب المحلّية، أو المساعي لترجمة إيمان أو التزام أو عقائد.

يَجمع الكتاب بين سيرة الشّخصيّات الذاتيّة، كتمهيد لمناسبة الخطبة ومضمونها. يأتي التّعريف بالشّخصيّة المتكلّمة، أوّلًا، إطارًا عامًّا لحدود الخطاب الّذي يعكس بدقّة زمان الخطبة ومكانها، كالتزام بقضايا العالم وواقعه وشؤونه وشجونه. لذا، تناول الكتاب مجموعة خطب لسياسيّين كإليزابيث الأولى (خطاب إلى الجنود)، والملك تشارلز الأوّل ملك إنكلترا (كلمته قبل إعدامه)، والثّائر الفرنسيّ لويس أنطوان ساينت جست (خطاب في محاكمة الملك لويس السّادس عشر)، ونابليون بونابرت (كلمة وداع إلى أفراد الحرس القديم)، وإبراهيم لنكولن (خطاب جيتبسيرغ)، كما تناول خطبًا لأدباء؛ كفيكتور هيغو (خطاب في شأن أفريقيا)، وبيار جو كوبرتان (البيان الأولمبيّ)، ولسياسيّين، وقادة عسكريّين، ورسل سلام معاصرين؛ كغاندي (خطاب باناراس)، وأدولف هتلر (خطاب إلى أعضاء منظّمة شباب هتلر)، وشارل دو غول (نداء دوغول إلى المقاومة)، وونستون تشرتشل (خطاب فلتون)، وفيديل كاسترو (مرافعة في أثناء محاكمته)، وجون كينيدي (خطاب أنا مواطن من برلين)، ومارتن لوثر كينغ (خطاب مسيرو واشنغتن)، والأمّ تيريزا (خطاب قبول جائزة نوبل للسّلام)، وياسر عرفات (كلمته أمام الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة)، وميخائيل غورباتشيف (خطاب استقالته من منصبه)، ونلسون مانديلا (خطاب تنصيبه)، وجورج واكر بوش (خطاب أمام الكونغرس الأميركيّ)، ودومينيك دو فيلبان (كلمته أمام مجلس الأمن).

ذهب عنوان الكتاب إلى أعظم خطابات التّاريخ، ولم يقل خطابات العالم، فالتّاريخ هو الأصول، ومتى ضاعت الأصول ضاع التّاريخ. لقد ترك خطباء المنابر آثارًا تنوّعت تداعياتها، وأسهمت في رسم العالم من باب تاريخيّة الحدث وصناعته. من هنا كانت انطلاقة الكاتب كيفن لابيوس الّذي هو في الأصل مدرّس مادّة التّاريخ والجغرافيا، فصبغ نصوصه بمفهومَي الزّمان والمكان، وارتباطهما بالحدث التاريخيّ ومفاعيله في مسرى تفاصيل الظّروف والأحوال وتدبير شؤون النّاس في أزمنة السّلم والحرب، إضافة إلى فهمه حركيّة «تاريخ الغد» انطلاقًا من أنّ إهانة التّاريخ هو إهانة للبشريّة، وأنّ تقسيم المدن هو طغيان الفصل بين العائلات، ما يعني أنّ تقسيمها هو تقسيم بغيض للحريّة الّتي من دونها لن تتحررّ البشريّة وتحيا. (من جون كينيدي)، عندها يجلجل صوت الحريّة، في أرجاء كلّ قلّاية، وكلّ ضيعة، وكلّ ولاية ومدينة، حينها سنستطيع أن نأتي بذلك اليوم الّذي فيه يجتمع كلّ أبناء اﷲ، السّود والبيض، واليهود والأبرار، والبروتستانت والكاثوليك ليمسك بعضهم بأيدي بعض، ويرنّموا اللّحن الرّوحيّ الزّنجيّ القديم:» أخيرا أحرار! أخيرًا أحرار. (من مارتن لوثر كينغ).

هذا كتاب للمتأمّلين في كلام اﷲ المنثور في المواقف الإنسانيّة الواردة في مفاصل تاريخ هذه الخطب. هو كتاب يمضي إلى فقراء الكلمة، وهو هنا، في دعوته هذه، يشبه رسالة الأمّ تيريزا الّتي قالت: «ها أنذا أخاطبكم اليوم في هذا المكان. أريدكم أن تبحثوا أوّلا عن الفقراء هنا في بلدكم، وتذهبوا إلى ملاقاتهم مباشرة، وأريدكم أن تبدأوا في مبادلتهم الحبّ والمحبة في بلدكم. كونوا البُشرى السّارة عند شعبكم. اكتشفوا قريبكم. هل تعرفون هويّة قريبكم؟»

إنّ الجواب عن هويّة هذا القريب، يمكن أن يستشفّه المرء من تجواله كسائح على دروب هذه الخطب، في مراحل أحداثها ومتاعب خطبائها، وانكساراتهم وانتصاراتهم، لنتأمّل في ما بين السّطور مصائر هذه الشّعوب.

الدّكتور جان توما : حائز دكتوراة في اللّغة العربيّة وآدابها من الجامعة اللّبنانيّة. أستاذ محاضر في جامعات: القدّيس يوسف، واللّبنانيّة، وسيّدة اللويزة، ويشغل منصب رئيس قسم اللّغة العربيّة في جامعة الجنان. له أكثر من سبعة عشر إصدارًا يتراوح بين كتب أدبيّة، وشعريّة، ورواية، ودراسات تربويّة، وتحقيق مخطوطات.

[email protected]

Share This