الشعريّة في المكتوب هي الإبداع والتأثير والانحراف الأسلوبيّ والخلق والمفاجأة و” توقّع اللامتوقّع في الصورة أو المفردة أو القافية ، حيث تبديل كلمة واحدة في البيت من مكانها المألوف إلى مكان قبل أو بعد يخلق لها لمعة أبرع أو موسيقى أجمل وتنقلها من السرد العاديّ إلى اللقطة الإبداعيّة”، والشعريّة هي” أن يبني الشاعر قصيدته في تصاعد متتالٍ حتّى يبلغ قمّة في بيت، ثمّ يعود فيبني من جديد إلى قمّة أخرى”.
إنّ شعريّة الصمت هي كلّ هذه الأمور ولكنّها تأتي متولّدة من سكون مدوٍّ، ولا أقصد بهذا السكون السكتة التي تلي الجملة لترك المجال لإدراك معانيها الخاصّة الواردة فيها. إنّ معاني الصمت تتكوّن من حالات صامتة تلي أصواتًا، وتلي عبارات وجملاً. بمعنى أنّ الشعر الكبير هو هبوط إلى أسفل لجمع مكوّنات قمّة تأثيريّة جماليّة والصعود بها إلى علُ.
“إنّ جوهر الشعر لا تحدّده الكلمات، ولا المعايير النقديّة، ولا المقاييس الأكاديميّة، بل تحدّده حالة يخلقها الشاعر في قصيدته، تنتقل منها إلى القارئ وتنقله إلى حالة خاصّة من التواصل مع حالة القصيدة وحالة الشاعر معًا”. وهذه الحالة عينها ، التي يخلقها الشاعر في قصيدته، ممكن أن تكون ابنة الصمت المؤثّر الذي ينقل المتلقّي إلى عالم آخر آسر ساحر، وفي هذا الموقع أيضًا يكون الصمت شعريًّا.

Share This