كوّن العهد المملوكيّ عصر مدينتَي بيروت وطرابلس الذهبيّ، وقد شهدتا تطورًا اقتصاديًّا مميّزًا ترافق مع نموّ الحركة التجاريّة وازدهارها عبر البحر المتوسط وانفتاح أسواق السلطنة المملوكيّة أمام التجّار الأوروبييّن. ونتيجة التقسيمات الإداريّة التي اعتمدها المماليك في بلاد الشام، أصبحت بيروت ميناء مدينة دمشق الأساسيّ، وصارت طرابلس أحد الموانئ الرئيسيّة التي تُرسَل اليها منتوجات مدينتي حلب وحماه، فكوّنت نقطة الوصل الرئيسيّة للتبادل التجاري بين أوروبا ومنطقة بلاد الشام الشماليّة. أمّا صيدا وصور فإنّهما لم تؤدّيا إلاّ دورًا تجاريًّا محدودًا وغابتا عن الخريطة التجاريّة في البحر المتوسّط، واقتصر نشاطهما على التبادل التجاري مع المدن الساحليّة الشاميّة والمصريّة.
يهدف هذا المقال الى دراسة الحركة التجاريّة التي شهدتها بيروت وطرابلس ﺇبّان العهد المملوكي وإعادة رسم الإطار الذي حصل ضمنه تطوّر هاتين المدينتين الاقتصاديّ .