تتكوّن بنية الخطاب السرديّة من تضافر ثلاثة مكوّنات هي: الراوي، والمرويّ، والمرويّ له. فـ “الراوي” هو الشخص الّذي يروي الحكاية أو يُخبر عنها، ويرتبط الراوي بالمرويّ من خلال رؤية تؤطّر عمليّة الحكي، فهذه الرؤية تسمّى في علم السرد بالتبئير. هذا البحث يعكف على معرفة مفهوم التبئير وتجلّياته في السرد الروائيّ عبر رواية “عزازيل” للروائيّ المصريّ يوسف زيدان، ويتقصّى أنواعه وتفاعله مع سائر المكوّنات السرديّة ودوره في البناء السرديّ وعلاقته بأدوار الرواة ومواقعه وخصائصه في هذه الرواية. ولقد اخترنا رواية “عزازيل” لمكانتها المرموقة في خارطة السرد العربيّ وتحقيقها شروط هذا الجنس الأدبيّ الفنيّة العالية. تعدّد الأصوات فيها جعلها روايةً بوليفونيّة. وقد توصّلنا من خلال بحثنا عبر المنهج الوصفيّ التحليليّ إلى أنّها اشتملت على أنواع التبئير (الصفر، الداخليّ والخارجيّ) وخاصّة الداخليّ الثابت، لأنّ السارد في هذه الرواية مشارك وهو الشخصيّة الرئيسة فيها، يصف ويسرد فيها هواجسه وخلجاته، لذا اقتضت في معظمها هذا النوع من التبئير وكان الأنسب للرواية.