لا أحد ينفي، منذ زمن بعيد، قوّة الإعلام والإعلان. وهذا السلاح، في غالبيّة الأحيان، أمضى وأفتك من أسلحة الدمار والقتل والموت المباشر. ويترجم الإعلام قوّته اليوم في تعدّد الوسائل من الورقيّة على مختلف أنسالها، إلى الإذاعيّة والتلفزيونيّة والشبكة العنكبوتيّة بمختلف أبوابها وأشكالها. ضِف إلى ذلك التطوُّر الهائل الذي طرأ شيئًا فشيئًا على التصاميم الهندسيّة والأشكال المتناسقة والأساليب الباهرة، وإحاطة المعرفة بكلّ شاردة وواردة، ممّا يجعل الإعلام عنصرًا أساسيًّا في أيّ صراع أو في أيّ معركة. إنّه الباع الطويل في الوصول إلى تحقيق الهدف وفي إيصال الصراع إلى خواتيمه. ولا عنصرَ يقف حاجزًا أمام مَن يدير دفّة الإعلام: فتزييف الخبر أصبح عادةً، وتضخيمه هو وسيلة في خدمة الهدف، وتكبير الصورة بهدف التخويف يثير الذعر ويدعو إلى الهروب، والتركيز على نوعيّة القتل والتصفية يزرع الإحباط في القلوب. إنّه الإعلام الذي نستطيع نعته بالإعلام الحربيّ الذي، وإن كان على شيءٍ من الموضوعيّة، فإنّه يستخدم بوجه واسع كلّ الوسائل للقضاء على الآخر بما يمثّله من ثقافةٍ وشرعة حياة ونهج إيمان ووجهة حضاريّة.
فإلى جانب الحروب، لا بل في موازاة الحروب وصُلْبها، في هذا الشرق البديع، شرق الآلهة، ومصدر الديانات التوحيديّة السماويّة، تتحرّك اليوم الپروپاغندا القاتلة، الكاذبة، الشنيعة التي لها أهدافها السياسيّة لغةَ تخاطب بين المتخاصمين والمتحاربين؛ إلاّ أنّها أيضًا لغة تهدف إمّا إلى إعداد النفوس لانتظار الأسوأ، وإمّا إكمال ما تكون بعض المعارك قد حقّقته من باب القتل والتدمير. فنحن على معرفةٍ اليومَ أنّ معركة إعلاميّة حاصلة بين الولايات المتّحدة الأميركيّة وروسيا، وكأنّها عودة إلى الحرب الباردة مع حصول حروب صغيرة أو كبيرة هنا وهنالك، تحت ستار ضرب الإرهاب وإعطاء القوميّات حقوقها. إنّها أيضًا الپروپاغندا التي تنشط فيها الحكومات الجائرة الخائفة على مصيرها وتبرع في إدارتها تلك المنظّمات الراديكاليّة التي تقتل باسم الدِّين وهي خارجة على كلّ دين، كما أنّ المواطن البريء العاجز المسلوب الإرادة هو ضحيّة هذا الصراع بعد أن مَرْجَحتهُ الپروپاغندا التي نجحت وسائل إعلامها المرئيّ والمسموع التجاريّة، والمواقف الخاصّة المستشرية، في الفتك بأعصابه ونفسيّته وبحاضره وبمستقبله من خلال إذاعة وإعادة إذاعة الخبر السيِّئ والمقزّز، والصورة البشِعة مرّة واثنتين وثلاثًا. ولا أحد ينجو من هذه المحنة، وربّما كانت المجموعات الحضاريّة القليلة العدد هي التي تنتظر الأسوأ أمام اشتداد المحنة وتفاعل الكارثة. وهل نستسلم أمام هذا الواقع؟
لا بدّ من تفعيل تلك القوّة الباطنيّة التي نسمّيها الرغبة في البقاء والمقاومة، وبناء الأوطان والجماعات التي حرّكت الجميع منذ أزمنة الدعوة إلى استقلال الشعوب وبروز الدول التي تهدّدها اليوم تيّارات وعقائد وجيوش وعصبيّات وطائفيّات ومذهبيّات لا عدّ لها ولا حصر.
نحاول أيضًا عند قراءة الخبر أو سماعه القراءة بين السطور، فنُعْمِل حسّ التمييز بين ما هو مضخّم وما هو موضوعي، ونستجمع قوانا النفسيّة والعقليّة لأخذ موقف مبدئيّ يقضي بعدم الرضوخ أمام ديكاتوريّة الپروپاغندا! وقد يؤتي هذا التمييز ثمارًا إيجابيّة عندما يقرأ المرء مضمون هذه الرسائل الإعلاميّة مع آخرين، بشرط ألاّ تقع الجماعة ضحيّة ما تصبو إليه تلك الپروپاغندا فتكون الكارثة شاملة. ولمواجهة هذه الآفة، لا بدّ من أن نتذكّر نضالات السابقين في أوضاع أشدّ صعوبة، وكيف أنّهم انتصروا على ذواتهم قبل الانتصار على أبشع هجمة إعلاميّة.
لا ننسى أنّنا في مسيرة والرأس دومًا مرفوع من رفعة الكرامة البشريّة!
فإلى جانب الحروب، لا بل في موازاة الحروب وصُلْبها، في هذا الشرق البديع، شرق الآلهة، ومصدر الديانات التوحيديّة السماويّة، تتحرّك اليوم الپروپاغندا القاتلة، الكاذبة، الشنيعة التي لها أهدافها السياسيّة لغةَ تخاطب بين المتخاصمين والمتحاربين؛ إلاّ أنّها أيضًا لغة تهدف إمّا إلى إعداد النفوس لانتظار الأسوأ، وإمّا إكمال ما تكون بعض المعارك قد حقّقته من باب القتل والتدمير. فنحن على معرفةٍ اليومَ أنّ معركة إعلاميّة حاصلة بين الولايات المتّحدة الأميركيّة وروسيا، وكأنّها عودة إلى الحرب الباردة مع حصول حروب صغيرة أو كبيرة هنا وهنالك، تحت ستار ضرب الإرهاب وإعطاء القوميّات حقوقها. إنّها أيضًا الپروپاغندا التي تنشط فيها الحكومات الجائرة الخائفة على مصيرها وتبرع في إدارتها تلك المنظّمات الراديكاليّة التي تقتل باسم الدِّين وهي خارجة على كلّ دين، كما أنّ المواطن البريء العاجز المسلوب الإرادة هو ضحيّة هذا الصراع بعد أن مَرْجَحتهُ الپروپاغندا التي نجحت وسائل إعلامها المرئيّ والمسموع التجاريّة، والمواقف الخاصّة المستشرية، في الفتك بأعصابه ونفسيّته وبحاضره وبمستقبله من خلال إذاعة وإعادة إذاعة الخبر السيِّئ والمقزّز، والصورة البشِعة مرّة واثنتين وثلاثًا. ولا أحد ينجو من هذه المحنة، وربّما كانت المجموعات الحضاريّة القليلة العدد هي التي تنتظر الأسوأ أمام اشتداد المحنة وتفاعل الكارثة. وهل نستسلم أمام هذا الواقع؟
لا بدّ من تفعيل تلك القوّة الباطنيّة التي نسمّيها الرغبة في البقاء والمقاومة، وبناء الأوطان والجماعات التي حرّكت الجميع منذ أزمنة الدعوة إلى استقلال الشعوب وبروز الدول التي تهدّدها اليوم تيّارات وعقائد وجيوش وعصبيّات وطائفيّات ومذهبيّات لا عدّ لها ولا حصر.
نحاول أيضًا عند قراءة الخبر أو سماعه القراءة بين السطور، فنُعْمِل حسّ التمييز بين ما هو مضخّم وما هو موضوعي، ونستجمع قوانا النفسيّة والعقليّة لأخذ موقف مبدئيّ يقضي بعدم الرضوخ أمام ديكاتوريّة الپروپاغندا! وقد يؤتي هذا التمييز ثمارًا إيجابيّة عندما يقرأ المرء مضمون هذه الرسائل الإعلاميّة مع آخرين، بشرط ألاّ تقع الجماعة ضحيّة ما تصبو إليه تلك الپروپاغندا فتكون الكارثة شاملة. ولمواجهة هذه الآفة، لا بدّ من أن نتذكّر نضالات السابقين في أوضاع أشدّ صعوبة، وكيف أنّهم انتصروا على ذواتهم قبل الانتصار على أبشع هجمة إعلاميّة.
لا ننسى أنّنا في مسيرة والرأس دومًا مرفوع من رفعة الكرامة البشريّة!