تعديل مسيحيّي المشرق العربيّ أواخر العصور الوسطى جدليّة السلطة والدين
كانت العلاقات بين المسلمين والمسيحيّين في الشرق الأوسط محكومة بعقد الذمّة الذي وضعه الخلفاء، ومنهم عمر بن الخطّاب. وهذا عقد غير عادل بين طرفين يتمتّعان بحقوق وواجبات غير متكافئة. وقد اضطرّ المسيحيّون لاحترام شروط العقد هذا على الدوام، مع أنّها شروط باتت يومًا بعد يوم أكثر تقييدًا مع تقدّم الوقت وابتعاده عن زمن النبيّ لأنّ السلطات الإسلاميّة استمرّت في إضافة البنود والفقرات إليها، حتّى ولو لم يكن لها من أثر في العقد المبرم بين محمد ومسيحيّي نجران ولا في القرآن أو السيرات. بالإضافة إلى ذلك، باتت العدوانيّة ضدّ المسيحيّين أمراً سهلاً إذ نادراً ما تمّت محاكمة المعتدين. في الواقع، في أوائل العصور الوسطى، لم يتبقّى من الإسلام في السلطة الإسلاميّة سوى الاسم وقد كانت تحت قبضة بعض الشيوخ والفقهاء المتطرّفين الذين لم يلتزموا بأيّ قانون ولم يكن لهم أيّ علاقة بتعاليم الإسلام. هذا وقد أمسى الفساد شائعا في إداؤة شؤون الدول؛ حتّى إنّ المناصب الرسميّة كانت تباع في مزاد علنيّ. بالإضافة إلى ذلك، كان الاقتصاد والجيش تحت سيطرة السلطة المطلقة. وبالتالي، تدهورت أحوال المسيحيّين المعيشيّة بسبب الحروب الصليبيّة، وسقوط القسطنطينيّة في أيدي العثمانيّين، واستيلاء الإسبان على الأندلس. في الحقيقة، تعرّض المسيحيّون الشرقيّون، وهم ضحايا حروب الدين، لهجومات عديدة طالت منازلهم، وكنائسهم، ورجال دينهم؛ كلّ ذلك بمباركة السلطة الإسلاميّة والمتطرّفين الدينييّن.

