القدَر في أدب أبي العلاء المعرّي

ما أودُّ إظهارَه من خلال سطور هذا البحث ليس مجرّد مُناظرة بيزنطيّة، بل هو بالحريّ سَفَر أدبيّ في الزمن حيث كانت قصائد أبي العلاء المعرّي تعيشُ مجدًا أيَّ مَجد! وهكذا، يبدو لي أنّ مسألة القدَر التي تشغل البشر تمثّل بالفعل شخصَين يستمتعان بالوقت المتبقّي لهما من الحياة: المتشائم والمتفائل. فالمتشائم يقول: “آه! يا للخيبة! حرمَني القدَر من نصف حياتي. فما الذي تبقّى لي؟”، في حين أنّ المتفائل يقول: “يا إلهي! ما زال أمامي كلّ هذه السنوات لأعيشَها، وأكثر من أيّ وقت، سأستفيد منها!”. هذان يعكسان حالةً نفسيّة يعيشانها. وفي هذه الدراسة، يظهر المعرّي مستندًا إلى التأمّل في العلاقة بين الله والإنسان في قصائده، ما سمح له بتبيان ميله الشخصيّ. كما أنّه اعتبر أنّ حريّة الاختيار هي جوهر الإنسان المتميّز من كلّ إنسانٍ غيره.
من خلال هذا كلّه حاولتُ إظهار القلق الذي يشعر به إزاءَ قدَره، بعبارة أخرى إزاء عَماه الأبديّ. وقد وضع المعرّي كلًّا من القدَر والله على مستوى واحد، واعتبرَ أنّ القدَر هو سُلطة قاسية وظالمة، تسيطر على شؤون الإنسان، وقوّتها لا تُقارَن.

Share This